البابا فرنسيس: إنّ جمال لعب الكرة هو أنّنا نلعب مع الآخرين
"تشكّل الرّياضة فرصة كبيرة لنتعلّم أن نعطي أفضل ما عندنا، بروح تضحية والتزام، ولاسيّما لأنّنا لسنا بمفردنا. نعيش في زمن من السّهل فيه أن ننعزل عن الآخرين وأن نخلق روابط ظاهريّة عديدة ولكنّها بعيدة. لكنّ جمال لعب الكرة هو أنّنا نلعب مع الآخرين، وإذ نمرّرها فيما بيننا على أرض الملعب نتعلّم أن نبني أساليب لعب ونتعاون معًا كفريق... وتصبح الكرة أداة لدعوة أشخاص حقيقيّين لكي يشاركوننا الصّداقة ولكي نلتقي وننظر إلى بعضنا وجهًا لوجه ولكي نتحدّى بعضنا البعض ونختبر مؤهّلاتنا.
إنّ اللّعب يجعلنا سعداء لأنّه يمكننا أن نعبّر عن حريّتنا إذ نتبارى بأسلوب مسلّ ونعيش زمنًا من المجانيّة، وببساطة لأنّه أمر يعجبنا، فنلاحق هكذا حلمًا ربّما بدون أن نصبح بالضّرورة أبطال. حتّى شُرعة حقوق الأطفال بممارسة الرّياضة تؤكّد على حقِّ كلِّ طفل بألّا يكون بطلاً. أيّها الوالدون الأعزّاء، أحثُّكم لكي تنقلوا إلى أولادكم هذه الذّهنيّة: اللّعب، المجانيّة والمخالطة الاجتماعيّة... ولكي تشجّعوهم في الأوقات الصّعبة ولاسيما بعد الهزيمة، ولكي تساعدوهم ليفهموا أنَّ البقاء على مدرَّج الاحتياط ليس إذلالاً، بل مناسبة للنّموّ وفرصة لشخص آخر.
في هذه المهمّة التّربوية أدعوكم لتبحثوا عن علاقة مع جمعيّة أبنائكم الرّياضيّة ولاسيّما مع المدرِّبين لأنَّ التّدريب هو نوع من المرافقة ومن الإرشاد نحو ما هو أفضل. في هذه المغامرة، أنتم المدرِّبون تلعبون دورًا مهمًّا لأنّكم تشكّلون نقاط مرجعيّة ذات سلطة بالنّسبة للأطفال الّذين تدرّبونهم. إنَّ كلَّ ما تقولونه وتفعلونه والأسلوب الّذي تقولونه فيه وتفعلونه يصبح تعليمًا لرياضيِّيكم وسيترك علامة لا تُمحى في حياتهم. أسألكم ألا تحوِّلوا أحلام أطفالكم إلى أوهام سهلة مصيرها الاصطدام بحدود الواقع؛ وألا تُثقِّلوا حياتهم بأشكال ابتزاز تُعيق حرّيّتهم وخيالهم؛ وألا تعلّموهم طرقًا مُختصرة تقودهم فقط إلى الضّياع في متاهات الحياة.
أرغب في أن أوجّه كلمة أخيرة لأبطال كرة القدم الكبار الّذين يستوحي منهم هؤلاء الرّياضيّون الشّباب. لا تنسوا أبدًا من أين انطلقتم: من ملعب الضّاحية، ومن مراكز الصّلاة واللّقاء للشّبيبة، من ذلك المجتمع الصّغير... أتمنّى أن تشعروا دائمًا بالامتنان لتاريخكم القائم على التّضحيات والانتصارات والهزيمة؛ وأن تشعروا أيضًا بالمسؤوليّة التّربويّة الّتي عليكم أن تقوموا بها من خلال حياة صادقة والتّضامن مع الأشدّ ضعفًا من أجل تشجيع الشّباب لكي يصبحوا كبارًا من الدّاخل وربّما أيضًا أبطالاً في الحياة".