أميركا
11 حزيران 2021, 05:55

البابا فرنسيس: إنّ التّعاون المتعدّد الأطراف هو أداة قيّمة لتعزيز الخير العام

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في لقاء التّضامن في كوستاريكا لمناسبة الذّكرى السّنويّة الثّلاثين لتأسيس منظومة الإدماج في أمريكا الوسطى، جاء فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"تهدف هذه المبادرة إلى حشد الدّعم من أجل تحسين وضع النّازحين قسرًا والجماعات التي تستضيفهم في منطقة أمريكا الوسطى والمكسيك. تكتسب كلمة التّضامن، التي هي محور هذا الحدث، معنى أكبر في زمن أزمة الوباء، أزمة وضعت العالم بأسره على المحكّ، سواء في البلدان الغنيّة أو الفقيرة.

لقد ذكّرت الأزمة الصّحّيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي سببها فيروس الكورونا الجميع بأنّ البشر مثل التّراب، ولكنّه تراب ثمين في عيني الله الذي جعلنا عائلة بشريّة واحدة. وخلال هذه الأشهر الطّويلة الأخيرة من الوباء، شهدت منطقة أمريكا الوسطى تدهورًا في الظّروف الاجتماعيّة التي كانت غير مستقرّة ومعقّدة بسبب نظام اقتصاديّ غير عادل. كذلك سلّط الوباء الضّوء أيضًا على هشاشة النّازحين الدّاخليّين الذين ما زالوا لا يدخلون في نظام الحماية الدّوليّ الذي يوفّره القانون الدّوليّ للّاجئين وغالبًا ما يُتركون بدون حماية مناسبة.

ما قدمته هنا هو بعض من أهمّ التّحدّيات التي تؤثر على التّنقّل البشريّ، وهو ظاهرة ميّزت تاريخ الإنسان وتحمل معها وعدًا كبيرًا لمستقبل البشريّة. وفي هذا السّياق، يتمنّى الكرسيّ الرّسوليّ، بينما يعيد التّأكيد على الحقّ الحصريّ للدّول في إدارة حدودها، التزامًا إقليميًا مشتركًا وثابتًا ومنسقًا يهدف إلى وضع الشّخص وكرامته في محور كلّ ممارسة سياسيّة. كذلك، من الضّروري اعتماد آليّات دوليّة محدّدة توفّر حماية ملموسة وتعترف بـالمأساة غير المرئيّة للنّازحين الدّاخليّين، الذين يتمّ تأجيلهم على جداول الأعمال السّياسيّة الوطنيّة. كما يجب أيضًا اتّخاذ إجراءات مماثلة فيما يتعلّق بالعديد من الإخوة والأخوات الذين أجبروا على الفرار بسبب أزمة المناخ الحادّة. وعلى هذه الإجراءات أن تترافق بسياسات إقليميّة لحماية "بيتنا المشترك" بهدف التّخفيف من تأثير الظّواهر المناخيّة والكوارث البيئيّة التي يسببها الإنسان في عمله في احتكار الأراضي وإزالة الغابات والاستئثار بالمياه.

أمّا فيما يتعلّق بالاتجار بالبشر، فيجب منع هذه الآفة من خلال دعم العائلات والتّربية، وحماية الضّحايا ببرامج تضمن سلامتهم، وتحمي الخصوصيّة ومن خلال سكن آمن ومساعدة اجتماعيّة ونفسيّة ملائمة. إنَّ الوباء قد تسبب في أزمة تربويّة لا سابق لها، وقد تفاقمت بسبب القيود والعزلة القسريّة التي كشفت عن أوجه عدم المساواة القائمة وزادت من خطر وقوع الفئات الأكثر ضعفًا في شبكات الاتجار الغادرة داخل وخارج الحدود الوطنيّة. وإزاء هذه التّحدّيات الجديدة، يجب تكثيف التّعاون الدّوليّ لمنع الاتجار وحماية الضّحايا ومقاضاة المجرمين. إزاء العديد من التّحدّيات الملحّة، تنطبق على هذه المنطقة أيضًا الدّعوة الصّادقة لبناء مجتمع إنسانيّ وأخويّ قادر على العمل لكي يضمن بأسلوب فعّال ومستقرّ أن تتمَّ مرافقة الجميع في مسيرة حياتهم. إنّه جهد مشترك يذهب أبعد الحدود الوطنيّة لكي يسمح بالتّبادل الإقليميّ: على الإدماج الثّقافيّ والاقتصاديّ والسّياسيّ مع الشّعوب المجاورة أن يترافق مع عملية تربويّة تعزّز قيمة محبّة القريب، وهي أوّل ممارسة ضروريّة من أجل تحقيق إدماج عالميّ سليم."

وإختتم البابا فرنسيس بالقول: "إنّ التّعاون المتعدّد الأطراف هو أداة قيّمة لتعزيز الخير العام، ويولي اهتمامًا خاصًّا للأسباب العميقة والجديدة للنّزوح القسريّ، لكي لا تكون الحدود مناطق توتّر، وإنّما أذرع مفتوحة للمصالحة. إنَّ الكنيسة تسير جنبًا إلى جنب مع شعوب أمريكا الوسطى، الذين عرفوا كيف يواجهون الأزمات بشجاعة ويكونون جماعات مضيافة، وتحثّهم على المثابرة في تضامن بثقة متبادلة ورجاء جريء. أشكركم من كلِّ قلبي وأستمطر عليكم وعلى الأمم التي تمثلونها بركات الرّبّ."