الفاتيكان
22 أيلول 2019, 05:00

البابا فرنسيس: إنّ إعلان الرّبّ هو الشّهادة لفرح معرفته

إلتقى البابا فرنسيس، في القصر الرّسوليّ، بالمشاركين في اللّقاء الّذي نظّمه المجلس الحبريّ لتعزيز الكرازة الجديدة بالإنجيل من 19 حتّى 21 أيلول/ سبتمبر الجاري . بعد ترحيبه بالحاضرين وشكر رئيس المجلس المطران رينو فيزيكيلّا على كلمته، تحدّث البابا، بحسب "فاتيكان نيوز"، عن "تأمّل المشاركين في اللّقاء في الكرازة وكيفيّة إيقاد الرّغبة في لقاء الله رغم العلامات الّتي تُعتّم حضوره"، وقال:

 

"إنّ إنجيل القدّيس لوقا يقدّم لنا نقطة انطلاق جيّدة حين يحدّثنا عن تلميذَب عمّاوس، حيث كان يسوع قد دنا منهما لكنّهما لم يتعرّفا عليه بسبب ما في قلبيهما من إحباط (راجع لوقا 24، 13-27). وهذا ما يحدث لكثيرين في زمننا، يكون الله قريبًا منهم لكنّهم لا يتمكّنون من معرفته". وأشار إلى "أهميّة أن نشعر، وإلى جانب ما لدينا من عدم يقين، بروعة حضور الله، وهذه هي الدّهشة ذاتها الّتي عبّر عنها أحد تلميذَي عمّاوس: "أَما كانَ قلبُنا مُتَّقِدًا في صَدرِنا، حينَ كان يُحَدِّثُنا في الطَّريق ويَشرَحُ لنا الكُتُب؟ (لو 24، 32)". وشدّد البابا على أنّ "تحدّينا هو إيقاد القلوب".

وتابع فرنسيس كلامه عن "انطباع كثيرين، وخاصّة في الغرب، بأنّ الكنيسة لا تفهمهم وبأنّها بعيدة عن احتياجاتهم، كما أنّ هناك مَن يعتبر الكنيسة، وبمنطق غير إنجيليّ، ضعيفة أمام العالم وفي المقابل مَن يرى أنّها قويّة مقارنةً بفقر العالم". وأضاف أنّ "القلق أمر صحيح ولكن الأمر الهامّ هو الاكتراث حين نشعر بأنّ الكنيسة تصبح دنيويّة، أيّ أنّها تتّبع معايير العالم للنّجاح وتنسى أنّها موجودة لا لإعلان ذاتها بل لإعلان يسوع. إنّ كنيسةً تجد صعوبة في الاستغناء عمّا هو ليس أساسيًّا لا تشعر بعد بلهب نقل الإنجيل إلى عالم اليوم، تتحوّل إلى محفوظة متحفيّة لا بيت الآب البسيط والفرِح".
وبيّن البابا فرنسيس بعد ذلك "وجود أبناء كثيرين يريد الآب أن يُشعرهم بأنّهم في بيتهم، أيّ أخوتنا وأخواتنا الّذين وبينما يستفيدون من مكاسب التّقنيّة يعيشون في دوّامة لهاث كبير، وبينما يحملون في داخلهم جروحًا عميقة ويبحثون بصعوبة عن عمل ثابت يجدون أنفسهم محاطين برخاء خارجيّ يخدِّر ويُبعِد عن اتّخاذ اختيارات شجاعة". وتحدّث أيضًا عن "كثيرين حولنا هم أسرى ما يُفترض أنّهم يحتاجون إليه ليكونوا في أوضاع أفضل، بينما ينسون مذاق الحياة، جمال عائلة كبيرة وسخيّة، البريق الّذي يوجد في عيون الأبناء، فرح الأشياء البسيطة، والسّكينة الّتي تمنحها الصّلاة". وتابع فرنسيس "إنّ ما يطلبه منّا أخوتنا وأخواتنا، ربّما بدون التّمكّن من توجيه الطّلب، يتعلّق بأكثر الاحتياجات عمقًا، أن يحِّبوا ويحَّبوا، أن يُقبَلوا كما هم، أن يجدوا سلام القلب وفرحًا يدوم أكثر من اللّهو. لقد اختبرنا هذا كلّه في كلمة واحدة أو بالأحرى في شخص واحد: يسوع. إنّنا نحن الّذين غُمرنا بنهر محبّة الله الفائض رغم كوننا ضعفاء وخطأة لدينا رسالة، لقاء أشخاص زمننا لجعلهم يعرفون محبّة الله وذلك، وأكثر من التّعليم وبدون إدانة، بأن نكون لهم رفاق درب". وتحدّث البابا أيضًا عن "أهميّة أن نشعر بأنّ أسئلة رجال ونساء زمننا تخاطبنا، وذلك بدون ادّعاء امتلاكنا إجابات فوريّة وبدون تقديم إجابات جاهزة مسبقًا، بل بمقاسمة كلمة الحياة، لا لممارسة الضّمّ البغيض بل لفتح الفسحة أمام قوّة الرّوح القدس الخلّاقة الّتي تحرّر القلب من العبوديّة وتجدّده". وأشار البابا فرنسيس إلى "نقل الله، والّذي لا يعني الحديث عنه أو تبرير وجوده. إنّ إعلان الرّبّ هو الشّهادة لفرح معرفته، والمساعدة على عيش جمال لقائه. الله ليس ردًّا على فضولٍ فكريّ أو إلتزام للإرادة، بل هو خبرة محبّة مدعوّة إلى أن تكون تاريخ محبّة، وذلك لأنّ علينا ما أن نلتقي الله الحيّ أن نواصل البحث عنه، فسِرُّ الله لا ينتهِ أبدًا، هو عظيم كمحبّته".
وتابع فرنسيس حديثه عن محبّة الله مذكّرًا بأنّ "الله محبّة حسب ما يُذكر في الإنجيل، محبّة غير مشروطة، لا تتغيّر رغم كلّ ما يمكن أن نرتكب. كم هو جميل إعلان هذا الرّبّ الأمين، اللّهب الّذي لا ينطفئ، للأخوة الّذين يعيشون في فتور لأنّ الحماسة الأولى قد بردت، وكم هو جميل أن نقول لهم: "يسوع المسيح يحبّك، وقد بذل حياته ليخلِّصك، والآن هو حيّ إلى جانبك كلّ يوم" (الإرشاد الرّسوليّ "فرح الإنجيل" 164)".
وإختتم البابا فرنسيس كلمته في الحديث عن "حياة الإيمان باعتبارها اكتشافًا جديدًا مستمرًّا للجوهر، نبض قلب الإنجيل، جمال حبّ الله الخلاصيّ المعلَن في يسوع المسيح الّذي مات وقام من بين الأموات". وأضاف أنّ "الإيمان حياة تولد وتولد مجدّدًا من لقاء يسوع"، وشدّد على أنّ "كلّ ما هو لقاء في الحياة يساهم في نموّ الإيمان"، ودعا إلى "القرب من المعوّزين، وبناء جسور، خدمة المتألّمين والعناية بالفقراء، تعزية اليائسين ومباركة مَن يفعل بنا شرًّا، فهذا كلّه يجعلنا علامات حيّة للمحبّة الّتي نعلنها".