أوروبا
23 أيلول 2018, 13:45

البابا فرنسيس إلى شباب ليتوانيا: يسوع لا يتخلّى عنّا أبدًا

في إطار زيارة البابا فرنسيس الرّسوليّة إلى دول البلطيق، والتي بدأها السّبت 22 أيلول/سبتمبر متوجّهًا إلى ليتوانيا، التقى قداسته بعد ظهر أمس في ساحة كاتدرائيّة العاصمة فيلنيوس الشّباب اللّيتوانيّ. وفي بداية اللّقاء استمع البابا إلى شهادة فتاة وشاب بحسب ما أورد "فاتيكان نيوز".

تحدّثت أوّلاً مونيكا عن تلقّيها عطيّة الإيمان بفضل جدّتها، وهو حدث هامّ في حياتها. توقّفت أيضًا عند علاقتها الصّعبة خلال الطّفولة بوالدها الذي كان يضربها والذي حاول الانتحار وأدمن تعاطي الكحول عقب إفلاس شركته. ومقابل مشاعر الغضب التي تملّكتها عثرت مونيكا على جماعة حيّة ومستقبِلة في إحدى الرّعايا الفرنسيسكانيّة، حيث بدأ الله مداواة جراحها حسب ما ذكرت. توجّهت بالتّالي إلى والدها طالبةً منه المغفرة واستبدلت مشاعر الغضب بالرّحمة والصّلاة. وختمت حديثها قائلةً إنّها لا تتخيّل كيف كان لحياتها أن تكون، في حال استمرّت مشاعر الغضب إزاء والدها حتّى وفاته منتحرًا.

أمّا الشّاب يوناس، فتحدّث عن العلاقة مع الله، فقد أصيب بمرض في جهاز المناعة يُدمّر الجسم تدريجيًّا. وتحدّث عن أهميّة مرافقة زوجته له، وفي المقام الأوّل عن القوّة التي تحلّى بها بفضل الثّقة في الله، وتابع أنّه يواصل الرّجاء في الشّفاء؛ مؤكّدًا، في المقابل، أنّ هذه أفضل مراحل حياته، فهو يؤمن بأنّ لله مخطّطه لحياته، ووصف الله والعائلة بالصّخرة التي يستند إليها، والرّجاء والدّعم في الأفراح وفي الآلام.

 

بدأ الحبر الأعظم بعد ذلك كلمته إلى الشّباب شاكرًا الشّابَين على شهادتهما، مُتوقّفًا عند ما وصفه بمرور الله في حياتنا، وقارن عدم انهيار مونيكا ويوناس بثبات الكاتدرائيّة التي تستضيف هذا اللّقاء مع الشّباب، وأيضًا بصمود هذا البلد، ليتوانيا، رغم ما واجه من صعاب. وتحدّث البابا فرنسيس بالتّالي عن نعمة الله هذه فقال للشّابين:

 

"إنّ مصدر نعمة الله هي أشخاص صالحون عبروا حياتهما، أي الجدّة والأمّ وجماعة الرّعيّة بالنّسبة لمونيكا، والزّوجة بالنّسبة ليوناس. وإنّ الرّب يخلّصنا بجعلنا جزءًا من شعب، ولا يمكن لأحد القول إنّه سيَخلص بمفرده، وأدعو الشّباب إلى تفادي أن يجعلهم العالم يعتقدون أنّه من الأفضل السّير بمفردهم، وإلى عدم السّقوط في تجربة التّركيز على الذّات والتّميُّز بالأنانيّة أو اللّامبالاة أمام الآلام أو الصّعاب أو النّجاح العابر.

وأدعو الشّباب أيضًا إلى التّركيز على القداسة، وذلك بدءًا من اللّقاء والشّركة مع الآخرين؛ متنبهين إلى احتياجاتهم، وهنا أهميّة الانتماء إلى جماعة، إلى شعب، لأنّ هذا ما تتطلّبه هويّتنا الحقيقيّة. وبالعودة إلى شهادتَي الشّابين اللّتين تحدّثا فيهما أيضًا عن الصّلاة في العائلة والمشاركة في جوقات، عن القدّاس والتّعليم المسيحيّ ومساعدة المحتاجين، فإنّ هذه أسلحة يمدنا بها الله، فالصّلاة تجعلنا نخرج من ذواتنا ونتأمّل بأعين الله في ما يحدث في قلوبنا، والتّرتيل والموسيقى يجعلاننا ننفتح على الإصغاء وعلى الأمور الدّاخليّة. ومن هنا أهميّة الصّلاة التي تعلّمنا الإصغاء إلى الرّوح القدس وتمييز علامات الأزمنة، وتجعلنا نستعيد القوى لمواصلة إعلان الإنجيل. وإنّ لقاء المسيح والكلمة والإفخارستيا تجعلنا لا نكترث بقُوّة الغريم. أمّا مساعدة الآخرين، فهي قُوّة تدعمنا في حياتنا، وإنّ رؤية ضعف الآخرين تحملنا إلى الواقع وتحُول دون أن نعيش لاعقين جروحنا. فانّ يسوع يدعونا إلى الخروج من ذواتنا ولقاء الآخرين وجهًا لوجه. وأدعوكم أيّها الشّباب إلى اتّباع يسوع وعدم التّخوف من المشاركة في الثّورة التي يدعونا إليها، ثورة الحنان. 

إنّ الحياة تقاس بزمن خاصّ، زمن العلاقة بقلب الله. وإنّ الحياة هي دائمًا السّير مع البحث عن الطّريق الصّحيحة. وأنا أؤكّد لكم أنّ المسيح يلتقينا دائمًا في تقاطعات طرق حياتنا، ولا يتوقّف أبدًا عن بنائنا، حتّى وإن كنّا نهدم ذواتنا في بعض الأحيان."