الفاتيكان
28 تشرين الأول 2018, 14:30

البابا فرنسيس: إصغاء، اقتراب وشهادة: ثلاث خطوات أساسيّة لمسيرة الإيمان

ترأّس البابا فرنسيس صباح الأحد القدّاس الإلهيّ في بازيليك القدّيس بطرس بمناسبة اختتام الجمعيّة العامّة العاديّة الخامسة عشرة لسينودس الأساقفة حول موضوع "الشّباب، الإيمان وتمييز الدّعوات" .

 وبحسب إذاعة الفاتيكان، وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظّة قال فيها: "إنَّ الحدّث الّذي سمعناه هو الأخير الّذي يخبر فيه الإنجيليّ مرقس عن الخدمة المتجوِّلة ليسوع الّذي سيدخل بعدها إلى أورشليم ليموت ويقوم. وهكذا يكون برطيماوس الأخير في اتّباع يسوع في المسيرة: من مُستعطٍ على جانب طريق أريحا، أصبح تلميذًا يسير مع الآخرين نحو أورشليم. نحن أيضًا قد سرنا معًا، وعشنا السّينودس، والآن يختم هذا الإنجيل ثلاث خطوات أساسيّة لمسيرة الإيمان.

يقول ننظر أوّلاً إلى برطيماوس: إسمه يعني "ابنُ طيماوُسُ" والنّصّ يحدّد هذا الأمر: "ابنُ طيماوُسُ وَهُوَ بَرطيماوُسُ". ولكن فيما يعيد الإنجيل التّأكيد على هذا الأمر يظهر هناك تناقض: الأب غائب. وبرطيماوس ملقى وحده على الطّريق، خارج البيت وبدون أبّ: هو غير محبوب ومتروك. هو أعمى وليس هناك من يُصغي إليه. سمع يسوع صرخته وعندما التقاه تركه يتكلّم، لم يكن من الصّعب فهم ما كان برطيماوس سيطلبه: من الواضح أنّ يرغب الأعمى في استعادة نظره. لكنَّ يسوع لم يكُن متسرِّعًا وأعطى وقتًا للإصغاء. هذه هي الخطوة الأوّلى لمساعدة مسيرة الإيمان: الإصّغاء. إنّه العمل الرّسوليّ للأُذن: الإصغاء قبل الكلام.

إنَّ الخطوة الثّانية بعد الإصغاء لمرافقة مسيرة الإيمان هي الاقتراب. لننظر إلى يسوع الذي لا ينتدب أحدًا من الجمع الّذي كان يتبعه بل يلتقي برطيماوس شخصيًّا ويقول له: "ماذا تُريدُ أَن أَصنَعَ لَكَ؟". ماذا تريد: يسوع يتماثل ببرطيماوس ولا يستبعد انتظاراته؛ ماذا تريدني أنّ أصنع: وبالتّالي لا أنّ نتكلّم وحسب؛ لك: أي ليس بحسب أفكار مسبقة تتناسب مع أيٍّ كان وإنما لك أنت وفي وضعك. هكذا يتصرّف الله يلتزم شخصيًّا وبمحبّة مميّزة لكلّ شخص. وفي طريقة تصرّفه يمرّر رسالته: فيُزهر الإيمان هكذا في الحياة.

الخطوة الثّالثة هي الشّهادة. لننظر إلى التّلاميذ الذين يدعون برطيماوس: لم يذهبوا إليه، هو الذي كان يستعطي، ليهدّؤوه بالمال أو ليوزّعوا النّصائح؛ بل ذهبوا باسم يسوع؛ وفي الواقع وجّهوا له ثلاث كلمات وكلها من يسوع: "تَشَدَّد وَقُم! فَإِنَّهُ يَدعوك". وحده يسوع في الإنجيل يقول تشدّد! لأنّه وحده الذي يقيم القلب. وحده يسوع في الإنجيل يقول قُم، ليشفي الرّوح والجسد. وحده يسوع يدعو ويغيِّر حياة من يتبعه فيُنهِضَ من هو أرضًا ويحمل نور الله إلى ظلمات الحياة. إنّ العديد من الأبناء والعديد من الشّباب، على مثال برطيماوس، يبحثون عن نور في الحياة، يبحثون عن حبٍّ حقيقيّ؛ وعلى مثال برطيماوس بالرغم من وجود العديد من الأشخاص يطلبون يسوع فقط؛ هم أيضًا يطلبون الحياة ولكنّهم غالبًا ما يجدون وعودًا كاذبة وقليلون هم الذين يهتمّون بهم بالفعل.

إصغاء، اقتراب وشهادة. إنَّ مسيرة الإيمان في الإنجيل تنتهي بشكل جميل ومُدهش، بيسوع القائل: "إِذهَب! إيمانُكَ خَلَّصَكَ". بالرّغم من أنّ برطيماوس لم يقم بأيّ إعلان إيمان ولم يقم بأي عمل بل طلب الرّحمة وحسب. إنَّ الشّعور بالحاجة للخلاص هو بداية الإيمان، إنّه الدّرب المباشرة للقاء يسوع. إنَّ الإيمان الذي خلّص برطيماوس لم يكن في أفكاره الواضحة عن الله وإنّما في البحث عنه والرغبة في لقائه؛ والإيمان هو مسألة لقاء وليس نظريّة. في اللقاء يمرُّ يسوع، وفي اللّقاء يخفق قلب الكنيسة. وبالتّالي فالعظات ليست فعّالة وإنّما شهادة حياتنا. ولذلك لكم جميعًا أنتم الذين شاركتم في هذا "السّير معًا" أقول شكرًا على شهادتكم. لقد عملنا في شركة وبصدق وبالرّغبة في خدمة الله وشعبه. ليبارك الرّبّ خطواتنا لكي نتمكّن من الإصغاء للشّباب ونقترب منهم ونقدّم لهم شهادة عن فرح حياتنا: يسوع".