الفاتيكان
06 أيار 2022, 13:50

البابا فرنسيس: إزاء همجيّة الحرب يجب أن نغذّي مجدّدًا التّوق إلى الوحدة

تيلي لوميار/ نورسات
"إنّ إعلان إنجيل السّلام، ذلك الإنجيل الّذي ينزع سلاح القلوب حتّى قبل الجيوش، سيكون أكثر مصداقيّة فقط إذا أعلنه مسيحيّون قد تصالحوا أخيرًا في يسوع، رئيس السّلام؛ مسيحيّون تحرّكهم رسالته، رسالة الحبّ والأخوة العالميّة الّتي تتجاوز حدود جماعاتنا وأوطاننا". بهذه الكلمات خاطب البابا فرنسيس المشاركين في الجمعيّة العامّة للمجلس البابويّ لتعزيز وحدة المسييحيّين، خلال استقبالهم صلاحًا في القصر الرّسوليّ، تطرّق خلالها إلى المسيرة المسكونيّة، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"تختتم اليوم الجمعيّة العامّة لمجلسكم والّتي كان من الممكن أخيرًا عقدها بعد تأجيلها عدّة مرّات بسبب الوباء. هذا الوباء، مع تأثيره المأساويّ على الحياة الاجتماعيّة للعالم بأسره، قد أثّر أيضًا بقوّة على النّشاطات المسكونيّة، ومنع في العامين الماضيين تحقيق الاتّصالات المعتادة والمشاريع الجديدة. لكن في الوقت عينه، شكّلت الأزمة الصّحّيّة أيضًا فرصة لتقوية وتجديد العلاقات بين المسيحيّين.

كانت النّتيجة المسكونيّة الأولى لهذا الوباء الإدراك المتجدّد بانتمائنا جميعًا إلى عائلة مسيحيّة واحدة، إدراك متجذّر في خبرة مشاركة الهشاشة عينها والقدرة على الثّقة فقط في المساعدة الّتي تأتي من الله. ومن المفارقات أنّ الوباء، الّذي أجبرنا على المحافظة على المسافات بين بعضنا البعض، قد جعلنا نفهم مدى قربنا من بعضنا البعض ومدى مسؤوليّتنا تجاه بعضنا البعض. وبالتّالي من الضّروريّ أن نستمرَّ في تنمية هذا الإدراك وفي إطلاق المبادرات الّتي توضح وتنمّي هذا الشّعور بالأخوَّة.

حتّى قبل أن تنتهي حالة الطّوارئ الصّحّيّة، وجد العالم كلّه نفسه في مواجهة تحدٍّ مأساويٍّ جديد، وهو الحرب القائمة حاليًّا في أوكرانيا. إنَّ الحروب الإقليميّة لم تغب بعد نهاية الحرب العالميّة الثّانية، لدرجة أنّني تحدّثت كثيرًا عن حرب عالميّة ثالثة تُشنُّ على أجزاء، منتشرة في كلّ مكان تقريبًا. ومع ذلك، فإنّ هذه الحرب، القاسية والّتي لا معنى لها مثل أيّ حرب، لها بعد أكبر وتهدّد العالم بأسره، ولا يسعها إلّا أن تُسائل ضمير كلّ مسيحيّ وكلّ كنيسة.

خلال القرن الماضي، كان الإدراك بأنّ عار انقسام المسيحيّين كان له ثقل تاريخيّ في توليد الشّرّ الّذي سمّم العالم بالحزن والظّلم، قد دفع الجماعات المؤمنة، تحت إرشاد الرّوح القدس، إلى الرّغبة في الوحدة الّتي صلّى الرّبّ من أجلها وبذل حياته في سبيلها. واليوم، إزاء همجيّة الحرب، يجب علينا أن نغذّي مجدّدًا هذا التّوق إلى الوحدة. إنّ تجاهل الانقسامات بين المسيحيّين، بسبب العادة أو الاستسلام، يعني التّسامح مع تلوّث القلوب الّذي يجعل أرضيّة الصّراع خصبة. إنّ إعلان إنجيل السّلام، ذلك الإنجيل الّذي ينزع سلاح القلوب حتّى قبل الجيوش، سيكون أكثر مصداقيّة فقط إذا أعلنه مسيحيّون قد تصالحوا أخيرًا في يسوع، رئيس السّلام؛ مسيحيّون تحرّكهم رسالته، رسالة الحبّ والأخوة العالميّة الّتي تتجاوز حدود جماعاتنا وأوطاننا. وبالتّالي ومن وجهة النّظر هذه، فإنّ تأمُّلكم حول كيفيّة الاحتفال بشكل مسكونيّ بذكرى مرور ألف وسبعمائة عام على انعقاد مجمع نيقية الأوّل، والّتي ستصادف في عام 2025، يمثّل مساهمة ثمينة. فعلى الرّغم من الأحداث المتقلّبة الّتي رافقت إعداده، ولاسيّما فترة قبوله الطّويلة اللّاحقة، شكّل المجمع المسكونيّ الأوّل حدث مصالحة للكنيسة، الّتي أعادت التّأكيد، بأسلوب سينودسيّ، على وحدتها حول اعلانها للإيمان. وبالتّالي يجب على أسلوب وقرارات مجمع نيقية أن ينيروا المسيرة المسكونيّة الحاليّة وأن ينضِّجوا خطوات ملموسة جديدة نحو هدف استعادة الوحدة الكاملة بين المسيحيّين. وإذ تتزامن ذكرى مرور ألف وسبعمائة عام على انعقاد مجمع نيقية الأوّل مع سنة اليوبيل آمل أن يكون للاحتفال باليوبيل القادم بعد مسكونيّ مناسب.

أيّها الأعزّاء، أشجّعكم على الاستمرار في خدمتكم المهمّة والمتطلّبة، وأرافقكم بقربي الدّائم وامتناني. أبارككم من كلِّ قلبي وأسألكم من فضلكم ألّا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."