الفاتيكان
15 تشرين الثاني 2023, 14:20

البابا فرنسيس: أدعو كلّ مسيحيّ حيثما كان وأينما كان لكي يجدّد اليوم لقاءه مع يسوع المسيح

تيلي لوميار/ نورسات
هذه الدّعوة وجّهها ليوم البابا فرنسيس خلال المقابلة العامّة الّتي لخّص فيها تعليمه حول الغيرة الرّسوليّة بأربع نقاط مستوحاة من الإرشاد الرّسوليّ "فرح الإنجيل".

وفي هذا السّياق قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "بعد أن التقينا بعدة شهود لإعلان الإنجيل، أقترح تلخيص سلسلة التّعليم هذه حول الغيرة الرّسوليّة في أربع نقاط، مستوحاة من الارشاد الرّسوليّ "فرح الإنجيل"، الّذي يحتفل هذا الشّهر بالذّكرى السّنويّة العاشرة على صدوره. النّقطة الأولى الّتي نراها اليوم لا يمكن أن تكون إلّا حول الموقف الّذي يعتمد عليه جوهر الحركة التّبشيريّة: الفرح. إنّ الرّسالة المسيحيّة، كما سمعنا من كلمات الملاك الموجّهة إلى الرّعاة، هي إعلان "فرح عظيم".

والسّبب؟ خبر جيّد، مفاجأة، أو حدث جميل؟ بل أكثر من ذلك، إنّه شخص: يسوع! يسوع هو الفرح؛ هو الله الّذي صار إنسانًا وجاء إلينا. لذا، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، فالسّؤال ليس ما إذا كان نعلن عنه، وإنّما كيف نعلن، وهذا الـ"كيف" هو الفرح. لهذا السّبب، فالمسيحيّ المُمتعض والحزين، والغير راضٍ أو، الأسوأ من ذلك، الغاضب والمليء بالحقد لا يتمتّع بالمصداقيّة. قد يتحدّث عن يسوع لكن لن يصدّقه أحد! قال لي أحد الأشخاص ذات مرّة وهو يتحدّث عن هؤلاء المسيحيّين: "لكنّهم مسيحيّون ذوو وجوه مشدودة!"، أيّ أنّهم لا يعبّرون عن أيّ شيء، إنّهم هكذا، ولكنَّ الفرح جوهريّ. من الجوهريّ أن نسهر على مشاعرنا. إنّ البشارة تصنع المجّانيّة، لأنّها تأتي من الملء، وليس من الضّغط. وعندما تقوم بالتّبشير استنادًا إلى الأيديولوجيّات، لا يكون هذا تبشيرًا، وهذا ليس الإنجيل. الإنجيل ليس إيديولوجيّة: الإنجيل هو إعلان، إعلان فرح. أمّا الأيديولوجيّات فهي باردة، كلّها. فيما يملك الإنجيل دفء الفرح. الأيديولوجيّات لا تعرف كيف تبتسم، أمّا الإنجيل فهو ابتسامة، يجعلك تبتسم لأنّه يلمس روحك بالبشرى السّارّة.

إنّ ولادة يسوع، في التّاريخ كما في الحياة، هي بداية الفرح: فكّروا فيما حدث لتلميذي عمواس اللّذان لم يُصدِّقا من فرحهما، ومن ثمَّ بالتّلاميذ جميعًا معًا، عندما ذهب يسوع إلى العلّيّة ولم يصدّقوا من فرحهم، فرح أن يكون يسوع القائم من الموت معهم. إنَّ اللّقاء بيسوع يحمل لك الفرح على الدّوام، وإذا لم يحدث لك هذا، فهو ليس لقاءً حقيقيًّا مع يسوع. وما يفعله يسوع مع التّلاميذ يخبرنا أنّ أوّل من يجب أن ينالوا البشارة هم التّلاميذ أنفسهم، نحن هم أوّل من يجب عليهم أن ينالوا البشارة. وهذا أمر مهمّ جدًّا. في الواقع، نحن أيضًا، إذ نغوص في مناخ حاضرنا السّريع والمُربِك، يمكننا أن نجد أنفسنا نعيش الإيمان بحسٍّ خفيّ من التّخلّي، مقتنعين بأنّ الإنجيل لم يعد يُسمع وأنّ الالتزام بإعلانه لم يعد يستحقّ العناء. لا بلّ ربّما قد تُغرينا فكرة أن نسمح "للآخرين" بأن يمضوا في طريقهم الخاصّ. بينما هذه هي اللّحظة المناسبة لكي نعود إلى الإنجيل لكي نكتشف أنّ المسيح هو شابّ على الدّوام، وهو مصدر حداثة دائم.

وهكذا، مثل تلميذي عمّاوس، نعود إلى الحياة اليوميّة باندفاع مَن وجد كنزًا: كانا فرحين، لأنّهما وجدا يسوع، وهو غيّر حياتهما. ونكتشف أنَّ البشريّة تزخَر بالإخوة والأخوات الّذين ينتظرون كلمة رجاء. هناك من ينتظر الإنجيل اليوم أيضًا: إنسان اليوم هو كإنسان كلّ زمان: تحتاج ليسوع أيضًا حضارة عدم الإيمان المبرمجة والعلمانيّة المؤسّساتيّة لا بل وبشكل خاصّ المجتمع الّذي يترك مساحات المعنى الدّينيّ مهجورة. هذه هي اللّحظة المناسبة لكي نعلن يسوع. لذلك أودّ أن أقول مجدّدًا للجميع: إنَّ فرح الإنجيل يملأ قلوب وحياة الّذين يلتقون بيسوع، والّذين يسمحون له بأن يخلّصهم، يتحرّرون من الخطيئة ومن الحزن ومن الفراغ الدّاخليّ ومن العزلة. مع يسوع المسيح، يولد الفرح ويتجدّد على الدّوام. لا ننسينَّ هذا الأمر أبدًا. وإن كان أحد منّا لا يشعر بهذا الفرح، فليسأل نفسه إذا كان قد وجد يسوع. إنّ الإنجيل يسير دائمًا على درب الفرح، إنّه الإعلان العظيم. أدعو كلّ مسيحيّ، حيثما كان وأينما كان، لكي يجدّد اليوم لقاءه مع يسوع المسيح.

ليأخذ كلّ واحد منّا اليوم بعض الوقت وليفكّر: "يا يسوع، أنت في داخلي: أريد أن ألتقي بك كلّ يوم. أنت شخص، أنت لست فكرة؛ أنت رفيق درب، ولستَ برنامجًا. أنت الحبّ الّذي يحلّ العديد من المشاكل. أنتَ بداية البشارة. أنت يا يسوع مصدر الفرح. آمين".