الفاتيكان
12 كانون الأول 2022, 07:30

البابا فرنسيس: أدعوكم للصّلاة أمام المغارة لكي يحمل عيد ميلاد الرّبّ شعاع سلام لأطفال العالم بأسره

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما دعا إليه البابا فرنسيس ظهر الأحد المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس إلى القيام به، "ولاسيّما للّذين يجبرون على عيش أيّام الحرب الرّهيبة والمظلمة، هذه الحرب في أوكرانيا الّتي تدمّر الكثير من الأرواح والكثير من الأطفال".

كلام البابا هذا جاء في ختام صلاة التّبشير الملائكيّ، إذ قال: "لقد تمَّ أمس، في بارباسينا بالبرازيل، إعلان تطويب إيزابيل كريستينا مراد كامبوس. قُتلت هذه الشّابّة عام ١٩٨٢ وهي في العشرين من عمرها بسبب إيمانها ودفاعها عن كرامتها كامرأة وعن قيمة العفّة. ليحفّز مثالها البطوليّ الشّباب بشكل خاصّ على أن يقدّموا شهادة سخيّة للإيمان واتّباع الإنجيل.

أتابع بألم وقلق الأخبار الّتي تصل من جنوب السّودان حول الاشتباكات العنيفة في الأيّام الماضية. لنصلِّ إلى الرّبّ من أجل السّلام والمصالحة الوطنيّة، لكي تتوقّف الاعتداءات ويتمَّ احترام المدنيّين على الدّوام.

يصادف اليوم اليوم العالميّ للجبال، والّذي يدعونا إلى الاعتراف بأهمّيّة هذا المورد الرّائع لحياة الكوكب والبشريّة. إنّ موضوع هذا العام- "نساء يحرّكنَ الجبال"، وهذا صحيح، أليس كذلك؟ إنّ النّساء يحرِّكن الجبال!- يذكّرنا بدور المرأة في العناية بالبيئة والحفاظ على تقاليد سكّان الجبال. لنتعلّم من سكان الجبال حسَّ الجماعة والسّير معًا.

والآن، سأبارك التّماثيل الصّغيرة للطّفل يسوع الّتي أحضرتموها إلى هنا، أيّها الأطفال والشّباب الأعزّاء، والّتي ستضعونها في المغارة لدى عودتكم إلى بيوتكم. أدعوكم للصّلاة أمام المغارة، لكي يحمل عيد ميلاد الرّبّ شعاع سلام لأطفال العالم بأسره، ولاسيّما للّذين يجبرون على عيش أيّام الحرب الرّهيبة والمظلمة، هذه الحرب في أوكرانيا الّتي تدمّر الكثير من الأرواح والكثير من الأطفال. أتمنّى للجميع يومًا جميلاً ومسيرة مباركة نحو عيد ميلاد يسوع. ولا تنسوا من فضلكم أن تصلّوا من أجلي".

وكان الأب الأٌقدس قد وجّه إلى المؤمنين كلمة قبيل الصّلاة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يحدّثنا إنجيل الأحد الثّالث من زمن المجيء عن يوحنّا المعمدان الّذي أرسل تلاميذه فيما كان في السّجن ليسألوا يسوع: "أَأَنتَ الآتي، أَم آخَرَ نَنتَظِر؟". في الواقع، عندما سمع يوحنّا عن أعمال يسوع، استولى عليه الشّكّ فيما إذا كان هو المسيح حقًّا أم لا. لقد كان في الواقع يفكّر في مسيح قاسٍ، كان سينصف بقوّة لدى وصوله من خلال معاقبة الخطأة. أمّا الآن، فيسوع لديه كلمات وتصرّفات شفقة تجاه الجميع، ونجد الرّحمة في محور عمله ولذلك "العُميانُ يُبصِرون والعُرْجُ يَمشونَ مَشْيًا سَوِيًّا، البُرصُ يَبرَأُون والصُّمُّ يَسمَعون، المَوتى يَقومون والفُقراءُ يُبَشَّرون". وبالتّالي سيساعدنا أن نتوقّف عند أزمة المعمدان هذه، لأنّها يمكنها أن تقول شيئًا مهمًّا لنا نحن أيضًا.

يُسلّط النّصّ الضّوء على أنّ يوحنّا كان في السّجن، وهذا الأمر بالإضافة إلى المكان المادّيّ يجعلنا نفكّر أيضًا بالحالة الدّاخليّة الّتي كان يعيشها: في السّجن هناك ظلمة، ولا توجد إمكانيّة للرّؤية بوضوح والرّؤية أبعد. في الواقع، لم يعد المعمدان قادرًا على أن يرى في يسوع المسيح المنتظر، وإذ كان الشّكّ يتآكله، أرسل التّلاميذ لكي يتحقّقوا. يدهشنا أن يحدث هذا ليوحنّا الّذي عمّد يسوع في الأردنّ وأشار إليه إلى تلاميذه كحمل الله؛ لكن هذا الأمر يعني أنّ حتّى أعظم المؤمنين يمرّون في نفق الشّكّ. وهذا ليس شيئًا سيّئًا، لا بل يكون في بعض الأحيان أساسيًّا للنّموّ الرّوحيّ: فهو يساعدنا لكي نفهم أنّ الله هو على الدّوام أكبر ممّا نتخيّله، وأنّ الأعمال الّتي يقوم بها هي مدهشة بالنّسبة لحساباتنا، وأنّ عمله مختلف ويتخطّى احتياجاتنا وتوقّعاتنا؛ ولذلك لا يجب أن نتوقّف أبدًا عن البحث عنه والارتداد إلى وجهه الحقيقيّ. إعتاد لاهوتيّ عظيم أن يقول إنّنا "نحتاج لأن نكتشف الله مجدّدًا على مراحل... وأحيانًا من خلال الاعتقاد بأنّنا قد أضعناه". وهكذا يفعل المعمدان: في الشّكّ، بقي يبحث عنه، ويسأله، و"يناقشه"، وفي النّهاية اكتشفه مجدّدًا. بإختصار، يعلِّمنا يوحنّا، الّذي وصفه يسوع قائلاً بأنّه لم يَظهَرْ في أَولادِ النِّساءِ أَكبَرُ مِنه، بألّا نغلق الله في مخطّطاتنا.

أيّها الإخوة والأخوات، يمكننا نحن أيضًا أن نجد أنفسنا أحيانًا في وضع يوحنّا المعمدان، في سجن داخليّ، غير قادرين على التّعرّف على حداثة الرّبّ، الّذي ربّما نحتفظ به أسيرًا لافتراض أنّنا نعرف الكثير عنه. ربّما لدينا في فكرنا إلهًا قويًّا يفعل ما يشاء، بدلاً من إله التّواضع الوديع والرّحمة والمحبّة المتواضع، الذي يتدخّل دائمًا محترمًا حرّيّتنا وخياراتنا. ربّما قد نريد نحن أيضًا أن نقول له: "هل هذا أنت حقًّا، بتواضعك هذا، الإله الّذي يأتي ليخلّصنا؟". ويمكن أن يحدث لنا شيء مشابه أيضًا مع الإخوة: لدينا أفكارنا وأفكارنا المسبقة ونعلّق تسميات صارمة على الآخرين لاسيّما على الّذين نشعر بأنّهم مختلفون عنّا. لذلك يشكّل زمن المجيء زمنًا لعكس وجهات النّظر، نسمح فيه لعظمة رحمة الله أن تدهشنا. إنّه زمن، نتعلّم فيه مجدّدًا، من خلال تحضير مغارة الطّفل يسوع، من هو ربّنا؛ زمن نخرج فيه من بعض التّصنيفات والأحكام المسبقة تجاه الله والإخوة؛ زمن، بدلاً من أن نفكر فيه بالهدايا لأنفسنا، يمكننا أن نقدّم فيه كلمات وتصرّفات تعزية لمن جُرحوا، كما فعل يسوع مع العميان والصّمّ والعرج.

لتمسكنا العذراء مريم، كأمٍّ، بيدنا في أيّام التّحضير لعيد الميلاد هذه ولتساعدنا لكي نرى في صغر الطّفل عظمة الله الّذي يأتي".