الفاتيكان
23 تشرين الثاني 2021, 14:30

البابا فرنسيس: آمل أن يشعر جميع شباب العالم بأنّهم جزء حيّ من الكنيسة وروّاد لرسالتها

تيلي لوميار/ نورسات
مع اثنين من شبيبة أبرشيّة روما، أطلّ البابا فرنسيس على المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، يوم الأحد، في عيد يسوع الملك واليوم العالميّ للشّباب على صعيد الأبرشيّة، لتلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ سبقتها كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"يبلغ الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم، الأحد الأخير من زمن السّنة، ذروته بتأكيد قويّ ليسوع، الّذي يقول: "أنا ملك". هو يلفظ هذه الكلمات أمام بيلاطس، فيما كان الجمع يصرخ لكي يُحكَمَ عليه بالموت. لقد حانت السّاعة الحاسمة. في السّابق، لم يكن يسوع يريد أن يعلنه النّاس ملكًا: لنتذكّر تلك المرّة بعد تكثير الخبز والسّمك، عندما انفرد وحده للصّلاة.

الحقيقة هي أنّ ملوكيّة يسوع تختلف كثيرًا عن ملوكيّة العالم. وبالتّالي هو يقول لبيلاطس: "مملكتي ليست من هذا العالم". فهو لا يأتي ليسيطر وإنّما ليخدم. لا يأتي بعلامات القوّة، وإنّما بقوّة العلامات. هو ليس مُدثّرًا بشارات ثمينة، ولكنّه مجرّد من كلِّ شيء وعلى الصّليب. وفي الكتابة الّتي وُضِعَت على الصّليب، دُعي يسوع "ملك". إنّ ملوكيّته حقًّا تذهب أبعد من المعايير البشريّة! يمكننا القول إنّه ليس ملكًا مثل الآخرين، وإنّما هو ملك للآخرين.

لنفكّر مرّة أخرى في ذلك: يقول المسيح، أمام بيلاطس، إنّه ملك في اللّحظة الّتي كان فيها الجمع ضدّه، بينما عندما كان الجمع يتبعه ويهتف له، نأى بنفسه. لقد أظهر يسوع نفسه متحرّرًا بشكل مطلق من الرّغبة في الشّهرة والمجد الأرضيّ. ونحن- لنسأل أنفسنا- هل نعرف كيف نتشبّه به في هذا؟ هل نعرف كيف نسيطر على نزعتنا في أن يتمّ البحث عنّا والإشادة بنا باستمرار، أم أنّنا نفعل كلّ شيء لنحظى بتقدير الآخرين؟ في ما نقوم به، لاسيّما في التزامنا المسيحيّ، هل ما يهُمُّنا هو التّصفيق أو الخدمة؟

إنّ يسوع لا يهرب فقط من أيّ بحث عن العظمة الأرضيّة، بل يجعل أيضًا قلوب الّذين يتبعونه حرّة وذات سيادة. هو، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يحرّرنا من الخضوع للشّرّ. إنّ ملكوته مُحرّر وليس فيه شيئًا استبداديًّا أو تعسُّفيًّا. هو يعامل كلّ تلميذ كصديق وليس كعبد. إنّ المسيح على الرّغم من كونه فوق جميع الملوك، إلّا أنّه لا يرسم خطوطًا فاصلة بينه وبين الآخرين؛ بل يرغب في أن يكون له إخوة يشاركونه فرحه. وباتِّباعه أنت لا تضيع، بل تكتسب كرامة. لأنّ المسيح لا يريد الخنوع من حوله، وإنّما أناسًا أحرارًا. ولنسأل أنفسنا الآن- من أين تولد حرّيّة يسوع؟ نكتشف ذلك بالعودة إلى تأكيده أمام بيلاطس: "إِنِّي مَلِك. وأَنا ما وُلِدتُ وأَتَيتُ العالَم إِلّا لأَشهَدَ لِلحَقّ.

إنَّ حرّيّة يسوع تنبع من الحقّ. وحقيقته هي الّتي تحرّرنا. لكن حقيقة يسوع ليست فكرة، أو شيئًا مجرّدًا: إنّها واقع، إنّها هو نفسه الّذي يصنع الحقّ فينا، ويحرّرنا من الادّعاءات والأكاذيب الّتي في داخلنا. وبالتّالي إذ نُقيم مع يسوع، نصبح حقيقيّين، لأنَّ حياة المسيحيّ ليست مسرحيّة يمكنك خلالها أن ترتدي القناع الّذي يناسبك بشكل أكبر. لأنّه عندما يملك يسوع في قلب ما، هو يحرّره من النّفاق، والحيل، والازدواجيّة. وخير دليل على أنّ المسيح هو ملكنا هو الانفصال عمّا يلوّث الحياة ويجعلها غامضة ومبهمة وحزينة. بالطّبع، علينا أن نتعامل على الدّوام مع محدوديّاتنا ونواقصنا لأنّنا جميعًا خطأة. ولكن عندما يعيش المرء تحت سيادة يسوع، لا يصبح فاسدًا أو زائفًا ولا يميل إلى التّستّر على الحقيقة. وبالتّالي لا يعيش حياة مزدوجة. لتساعدنا العذراء مريم لكي نبحث يوميًّا عن حقيقة يسوع، ملك الكون، الّذي يحرّرنا من العبوديّة الأرضيّة ويعلمنا أن نسيطر على رذائلنا."

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، اليوم، ولأوّل مرّة في عيد المسيح الملك، يتمّ الاحتفال باليوم العالميّ للشّباب في جميع الكنائس الخاصّة. لهذا السّبب، يوجد بقربي شابّان من روما يمثّلان شباب روما جميعًا. أحيّي بحرارة شباب وشابّات أبرشيّتنا، وآمل أن يشعر جميع شباب العالم بأنّهم جزء حيّ من الكنيسة، وروّاد لرسالتها. شكرًا لقدومكم! ولا تنسوا أبدًا أنّ المُلكَ هو خدمة كما يعلّمنا ملكنا.

يصادف اليوم أيضًا اليوم العالميّ لصيد الأسماك. أحيّي جميع صيّادي الأسماك وأصلّي من أجل الّذين يعيشون في ظروف صعبة أو، للأسف، في أوضاع عمل قسريّة. أشجّع المرشدين والمتطوّعين في Stella Maris على مواصلة خدمتهم الرّاعويّة لهؤلاء الأشخاص وعائلاتهم. وفي هذا اليوم نتذكّر أيضًا جميع ضحايا الطّريق: لنصلِّ من أجلهم ولنلتزم من أجل منع وقوع الحوادث. كما أرغب أيضًا في أن أشجّع المبادرات الّتي تقوم بها الأمم المتّحدة لفرض مزيد من الرّقابة على تجارة الأسلحة.

بالأمس في كاتوفيتسي، ببولندا، تمَّ إعلان تطويب الكاهن جوفاني فرانشيسكو ماتشا، الّذي قتل بسبب إيمانه عام 1942، في سياق اضطهاد النّظام النّازيّ للكنيسة. في ظلمة سجنه وجد في الله القوّة والوداعة لكي يواجه تلك الجلجلة. ليكن استشهاده بذرة رجاء وسلام خصبة."