الفاتيكان
07 تشرين الأول 2025, 05:00

البابا: الله لا يتأخّر أبدًا نحن الّذين علينا أن نتعلّم أن نثق به!

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البابا لاون الرّابع عشر، عصر الإثنين، صلاة الغروب الأولى في كابلة مركز الـ"Doumus Australia" في روما، والّذي يستقبل الحجّاج الأستراليّين الّذين يزورون المدينة، بمناسبة عيد سيّدة الورديّة.

وللمناسبة ألقى البابا عظة على مسامعهم قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يسعدني أن أكون معكم في الاحتفال بصلاة الغروب الأولى بمناسبة عيد شفيعتكم، سيّدتنا العذراء مريم سيّدة الورديّة. في الواقع إنّ هذا التّعبّد لمريم الكلّيّة الطّوبى يحتلّ مكانة مميّزة في قلبي، ولهذا يسرّني أيضًا أن أشارك هذه المناسبة مع الجماعة الأستراليّة الحاضرة من أجل تبريك صورة العذراء مريم سيّدة بومباي الّتي تمّت إعادة ترميمها. وآمل أن تُلهم هذه الصّورة، الّتي أهداها لهذه الكابلة منذ عقود طويلة الطّوباويّ بارتولو لونغو الّذي سيصبح عمّا قريب قدّيسًا، تعبّدًا أكبر للعذراء مريم في قلوب سكّان مركز الـ "Domus Australia" والّذين يزورونه كحجّاج، وأعضاء الجماعة المحلّيّة على حدّ سواء.

بفضل العناية الإلهيّة، نلتقي معًا في هذه السّنة اليوبيليّة المكرّسة لفضيلة الرّجاء اللّاهوتيّة. لقد جسّدت مريم هذه الفضيلة بطريقة خاصّة من خلال ثقتها بأنّ الله سيتمّم وعوده. وهذا الرّجاء هو الّذي منحها القوّة والشّجاعة لكي تبذل حياتها طوعًا في سبيل الإنجيل وتسلّم ذاتها بالكامل لإرادة الله. ولطالما قيل إنّ التّجسّد بدأ أوّلًا في قلب مريم قبل أن يتمّ في أحشائها. وهذا الأمر يُسلِّط الضّوء على أمانتها اليوميّة لله.

بالطّبع، لم تكن مريم تعرف كيف أو متى سيخلّص الله شعبه، ومع ذلك عاشت في تسليم كامل لإرادته، واثقةً أنّه سيخلّص شعبه بحسب تصميمه. إنّ الله لا يتأخّر أبدًا؛ نحن الّذين علينا أن نتعلّم أن نثق به، ولو تطلّب ذلك صبرًا ومثابرة. إنَّ توقيت الله هو مثاليّ على الدّوام. ولهذا سمعنا في مقطع الكتاب المقدّس من رسالة القدّيس بولس: "فلمّا تمّ الزّمان، أرسل الله ابنه مولودًا ليفتدي الّذين هم في حكم الشّريعة".

إنّ الله يأتي دائمًا ليخلّصنا ويحرّرنا. إنَّ شعب إسرائيل قد وُلد تحت الشّريعة، ولكن أيضًا تحت ضعف وهشاشة وشهوة طبيعتنا البشريّة السّاقطة. وقد تحقّق تدبير الله في رسالة الرّبّ يسوع. بل وأكثر من ذلك، لم يأتِ فقط ليحرّرنا من عبوديّة الخطيئة، بل ليحرّر قلوبنا لكي نقول له "نعم"، على مثال أمّنا الكلّيّة الطّوبى.

واليوم، من خلال نعمة المعموديّة، وُلدنا تحت شريعة النّعمة كأبناء لله. ففي كلمات النّشيد: "لقد اختارنا في المسيح قبل إنشاء العالم... وقدّر لنا منذ القدم أن يتبنّانا بيسوع المسيح على ما ارتضته مشيئته". إنّ غاية مشيئته هي أن يقودنا إلى الحياة الأبديّة. وفي هذا الصّدد كتب القدّيس أوغسطينوس: "لقد خلقنا الله بدوننا، ولكنّه لا يخلّصنا بدوننا". لذلك، نحن مدعوّون إلى التّعاون معه بأن نعيش حياة النّعمة كأبنائه وبناته، مسهمين بدورنا في تحقيق مخطّط الخلاص. وهذا صحيح حتّى وإن كنّا لا نعرف ما يخبّئه المستقبل. ومع ذلك، يمكننا، على مثال مريم، أن نعيش دائمًا في الثّقة والشّكر لعمل الخلاص الّذي يحقّقه فينا.

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، سنرنّم بعد قليل نشيد "تعظّم نفسي الرّبّ". فلنتأمّل، ونحن نردّده، كيف أنّ مريم، الابنة الحقيقيّة لصهيون، فرحت بالله مخلّصها، لأنّها رأت النِّعم الّتي أفيضت عليها، ورأت كيف كان الله أمينًا على الدّوام لإبراهيم ونسله. وفيما تكرّمون العذراء مريم سيّدة بومباي في مركز الـ"Domus Australia"، صلاتي هي أن تتقوّوا أنتم أيضًا بالرّوح القدس في خدمتكم للرّبّ وكنيسته، وأن تثمروا ثمارًا كثيرة، ثمارًا تدوم."