العالم
16 أيلول 2022, 05:00

البابا التقى الأساقفة والكهنة والشّمامسة والمكرّسين والإكليريكيّين والعاملين الرّعويّين في كازاخستان

تيلي لوميار/ نورسات
كما في كلّ زياراته الرّسوليّة، كان للبابا فرنسيس خلال زيارته إلى كازاخستان لقاء مع الأساقفة والكهنة والشّمامسة والمكرّسين والإكليريكيّين والعاملين الرّعويّين، عقده صباح الخميس في كاتدرائيّة المعونة الدّائمة في العاصمة نور سلطان، تخلّلته كلمة ترحيب بالبابا تلاها أسقف أبرشيّة الثّالوث الأقدس في ألماتي ورئيس مجلس أساقفة آسيا الوسطى المطران مومبييلا سييرا. كما كانت قراءة من رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس (3/ 5- 6، 11-17)، وأربع شهادات حياة.

بدوره وجّه الأب الأقدس كلمة إلى الحاضرين، استهلّها بحسب "فاتيكان نيوز" قائلاً "يسعدني أن أكون هنا بينكم وأحيّي مجلس أساقفة آسيا الوسطى وألتقي كنيسة مكوّنة من وجوه عديدة وقصص وتقاليد مختلفة، متّحدة كلّها بالإيمان الواحد بيسوع المسيح. وتابع شاكرًا المطران مومبييلا سييرا على كلمته التّرحيبيّة، وتوقّف من ثمّ عند القراءة الّتي تمّ الإصغاء إليها من رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس وشدّد على كلمتين استخدمها بولس الرّسول هما الميراث والوعد.

وتابع الأب الأقدس مشيرًا إلى أنّ ميراث الماضي هو ذاكرتنا، ووعد الإنجيل هو مستقبل الله الّذي يأتي للقائنا، وقال إنّه يودّ أن يتوقّف في كلمته عند كنيسة تسير في التّاريخ بين الذّاكرة والمستقبل. وسلّط الضّوء بداية على الذّاكرة، وأشار إلى أنّه يفكّر في انتشار المسيحيّة في آسيا الوسطى الّذي حدث في القرون الأولى، وفي المبشّرين والمرسلين الكثيرين الّذين تفانوا لنشر نور الإنجيل، فأسّسوا الجماعات والمزارات والأديرة وأماكن العبادة. وأضاف البابا فرنسيس أنّ هناك ميراثًا مسيحيًّا، مسكونيًّا، ينبغي الحفاظ عليه، وأشار أيضًا إلى أنّ نقل الإيمان كان أيضًا من خلال أشخاص كثيرين بسطاء، العديد من الأجداد والجدّات والآباء والأمّهات. وأكّد أنّه في المسيرة الرّوحيّة والكنسيّة، لا ينبغي أن نفقد ذكرى مَن أعلنوا لنا الإيمان، لأنّ التّذكّر يساعدنا– كما قال البابا فرنسيس- على تنمية روح التّأمّل في العظائم الّتي صنعها الله في التّاريخ، حتّى وسط مصاعب الحياة. وأضاف الأب الأقدس داعيًا إلى الانتباه، إذ لا يعني ذلك النّظر إلى الوراء بحنين، والبقاء عند أمور من الماضي. فالنّظرة المسيحيّة عندما تتذكّر، تريد أن تفتحنا على الدّهشة أمام سرّ الله كي تملأ قلبنا بالحمد والامتنان لما صنعه الرّبّ. فالقلب الممتنّ الّذي يفيض بالحمد، يقبل اليوم الّذي يعيشه كنعمة. ويريد الانطلاق والمضي قدمًا وإعلان يسوع، مثل النّساء وتلميذي عمّاوس في يوم الفصح.

وإذا أشار إلى شهادتي الكاهن روسلان والأخت كلارا اللّتين تدعواننا إلى أن نتذكّر بامتنان ما ورثناه، أضاف البابا فرنسيس أنّ الإيمان لم يُنقل من جيل إلى جيل كمجموعة أمور يجب فهمها والعمل بها. لقد انتقل الإيمان من خلال الحياة، والشّهادة الّتي حملت نار الإنجيل إلى عمق الأوضاع لتنير وتنقّي وتنشر دفء يسوع المعزّي، وفرح محبّته الّتي تخلّص ورجاء وعده. وتابع الأب الأقدس قائلاً عندما نتذكّر نتعلّم أنّ الإيمان ينمو بالشّهادة، مشيرًا إلى أنّ الإيمان ليس معرضًا جميلاً لأمور من الماضي، إنّما هو حدث آنيّ على الدّوام.

وتوقّف البابا فرنسيس من ثمّ عند الكلمة الثّانية المستقبل، وأشار إلى أنّ ذكرى الماضي لا تجعلنا ننغلق على أنفسنا بل تفتحنا على وعد الإنجيل. فيسوع قد أكّد لنا أنّه سيكون معنا دائمًا. وأشار الأب الأقدس إلى أنّه إزاء تحدّيات الإيمان الكثيرة، ومصاعب الحياة، وبالنّظر إلى العدد في بلد شاسع، قد نشعر أنّنا "صغار"، ولكن إن تبنّينا نظرة يسوع المليئة بالرّجاء، سنقوم باكتشاف مذهل، إذ يقول الإنجيل أن تكونوا صغارًا، فقراء في الرّوح، هي الطّوبى الأولى (راجع متّى ٥، ٣). وأشار البابا فرنسيس إلى أنّ هناك نعمة خفيّة في أن نكون كنيسة صغيرة، قطيعًا صغيرًا، نترك الرّبّ يقودنا. أغنياء بلا شيء وفقراء في كلّ شيء، نسير بتواضع إلى جانب إخوتنا وأخواتنا، حاملين فرح الإنجيل إلى أوضاع الحياة. كما وأشار البابا فرنسيس إلى أن نكون صغارًا يذكّرنا بأنّنا لسنا مكتفين ذاتيًّا، أنّنا نحتاج إلى الله، وأيضًا إلى الآخرين: إلى الإخوة والأخوات من الطّوائف الأخرى، والّذين لديهم معتقدات دينيّة مختلفة عن معتقداتنا، وجميع الرّجال والنّساء ذوي الإرادة الطّيّبة. ندرك، بروح تواضع، أنّه فقط معًا، في الحوار والقبول المتبادل، نستطيع حقًّا أن نحقّق شيئًا جيّدًا للجميع. وأشار البابا فرنسيس إلى أنّ المهمّة الخاصّة للكنيسة في هذا البلد ألّا تكون جماعة تنغلق على نفسها في قوقعتها لأنّها تشعر بأنّها صغيرة، بل أن تكون جماعة منفتحة على مستقبل الله ومتّقدة بنار الرّوح القدس.

كما وأشار البابا فرنسيس إلى أنّه قد تكرّر في جميع الشّهادات الّتي تخلّلها اللّقاء الشّيء نفسه وهو أنّنا نتعلّم في الكنيسة، وفي علاقة مع الإنجيل، الانتقال من الأنانيّة إلى المحبّة غير المشروطة. إنّه خروج من الذّات يحتاج إليه كلّ تلميذ باستمرار: إنّها الحاجة إلى تنمية العطيّة الّتي نلناها في المعموديّة، والّتي تدفعنا إلى كلّ مكان، في لقاءاتنا الكنسيّة، في العائلات والعمل، وفي المجتمع، إلى أن نكون رجال ونساء شركة وسلام، يزرعون الخير أينما وُجدوا."

وفي الختام أكّد البابا فرنسيس للجميع أنّه قريب منهم ويشجّعهم ويرافقهم بالصّلاة، وأضاف: "لنكل أنفسنا بشكل خاصّ إلى قلب مريم الكلّيّة القداسة المكرّمة هنا كملكة السّلام"، وطلب منهم أن يصلّوا من أجله.