الفاتيكان
19 تشرين الثاني 2024, 08:00

البابا إلى مجموعة العشرين: هناك حاجة إلى اتّخاذ إجراءات فوريّة وحاسمة للقضاء على الجوع في العالم

تيلي لوميار/ نورسات
في رسالة موجّهة إلى رئيس البرازيل الذي يستضيف قمّة مجموعة العشرين للتعاون الاقتصاديّ الدوليّ، دعا البابا فرنسيس إلى بذل جهود فوريّة وموحّدة للقضاء على الجوع والفقر في العالم، بحسب ما نقلت "فاتيكان نيوز".

 

لفت البابا فرنسيس الانتباه إلى فضيحة الجوع في العالم، والتي تفاقمت بسبب النزاعات المسلَّحة في عالمنا اليوم والمبالغ الضخمة من الأموال التي تنفق على الأسلحة والتسلّح بدلًا من المساعدة في إطعام ثلاثة مليارات شخص في عالمنا غير قادرين على الحصول على الطعام أو التغذية الكافية.  

جاءت كلمات البابا في رسالة قرأها الكاردينال بييترو بارولين، وزير خارجيّة الفاتيكان، موجّهة إلى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس البرازيليّ. تستضيف البرازيل قمّة قادة مجموعة العشرين التي تستمرّ يومين والتي افتتحت في 18 تشرين الثاني/نوفمبر في ريو دي جانيرو بحضور قادة الدول الأعضاء التسعة عشر، بالإضافة إلى الاتّحاد الإفريقيّ والاتّحاد الأوروبيّ.

شدّد البابّ، في رسالته، على الضرورة الفوريّة والأساسيّة للقضاء على الجوع في عالمنا حيث لا يزال الملايين يعانون ويموتون من الجوع، بينما يتمّ التخلّص من أطنان من الطعام، مقتبسا من رسالته العامّة فراتيلي توتي، كيف أن "هذا يشكّل فضيحة حقيقيّة" وأصرّ على أنّ "الجوع إجراميّ، والغذاء حقّ غير قابل للتصرّف".

اعترافًا بالمشاكل الناجمة عن الحروب والصراعات واستمرار المظالم، شدّد البابا على ضرورة إيجاد طرق جديدة لتحقيق "سلام مستقرّ ودائم في المناطق المرتبطة بالنزاع، بهدف استعادة كرامة المتضرّرين". وأشار إلى أنّ الموت والدمار الناجميْن عن هذه الحروب يساهمان أيضًا في تفاقم المجاعة والفقر، ما يؤثّر على أماكن بعيدة عن الصراعات من خلال تعطيل سلاسل التوريد من دون ذكر المبالغ الضخمة التي تنفق على الأسلحة والتسليح نتيجة لذلك.

كتب البابا أنّ مصدر قلق كبير اليوم هو كيف أنّ العالم لم يجد بعد طرقًا للتعامل مع مأساة المجاعة، وهذا "القبول الصامت" من قبل المجتمع هو "ظلم فاضح وجريمة خطيرة". هذا صحيح بشكل خاصّ عندما يتسبّب البعض، من خلال الربا أو الجشع، في تجويع إخوانهم وأخواتهم، وهذا "ارتكاب جريمة قتل". لذلك، لا مفرّ من "ادّخار أي جهد لانتشال الناس من الفقر والجوع".

تابع البابا أنّ الظلم الاجتماعيّ والاقتصاديّ يؤدّي إلى تفاقم واقع الجوع، وهذا الفقر يمكن أن يديم "دورة من عدم المساواة الاقتصاديّة والاجتماعيّة المنتشرة في مجتمعنا العالميّ".  

"ومن الواضح بالتالي أنْ يجب اتّخاذ إجراءات فوريّة وحاسمة للقضاء على آفة الجوع والفقر. ويجب اتّخاذ هذا العمل بطريقة مشتركة وتعاونيّة، بمشاركة المجتمع الدوليّ بأسره".

وكتب البابا أنّ التدابير الفعّالة تتطلّب "التزامًا ملموسًا من الحكومات والمنظّمات الدوليّة والمجتمع ككلّ"، وتشمل هذه التدابير الوصول إلى السلع الأساسيّة، والتوزيع العادل للموارد الحيويّة التي تحترم "الكرامة الإنسانيّة التي منحها الله لكلّ فرد".

أشار البابا أيضًا إلى أن هناك حاجة إلى عمل جماعي لمعالجة فضيحة هدر الطعام، حيث يوجد حتّى اليوم ما يكفي من الطعام لكفاية الجميع، لكنّه موزّع بشكل غير متساو لأسباب مختلفة. وستتطلّب الجهود المبذولة لمواجهة هذه التحدّيات "رؤية واستراتيجية طويلة الأجل... ضروريّتين لمكافحة سوء التغذية بشكل فعّال" كتب البابا.

وتحقيقًا لهذه الغاية، عرض دعمه للتحالف العالميّ ضدّ الجوع والفقر حتّى يتمكّن من أن يلعب دورًا رئيسًا في التصدّي للجوع والفقر، وفي تنفيذ اقتراحٍ قديم للكرسي الرسوليّ يدعو إلى "إعادة توجيه الأموال المخصّصة حاليًّا للأسلحة والنفقات العسكريّة الأخرى نحو صندوق عالميّ مصمّم للتعامل مع الجوع وتعزيز التنمية في أكثر البلدان فقرًا".

كما شدّد البابا على الحاجة إلى مشاريع لا تُفرض من الخارج، ولكن "يتم التخطيط لها وتنفيذها استجابة لاحتياجات الناس ومجتمعاتهم".  

وفي الختام، أكد البابا أن الكرسي الرسولي سيواصل جهوده لتعزيز كرامة الإنسان وتقديم مساهمته الخاصّة من خلال تبادل الخبرات ومشاركة المؤسّسات الكاثوليكيّة في العالم أجمع، "حتّى لا يُحرم أي إنسان في عالمنا، كشخص محبوب من الله، من خبزه اليوميّ".

"ليبارك الله القدير أعمالكم وجهودكم بوفرة من أجل التقدّم الحقيقيّ للعائلة البشريّة بأسرها".