البابا أمام وفد الجالية الأفغانيّة في إيطاليا: "لا يجوز استخدام اسم الله لترهيب الأشخاص أو لتغذية الحقد والعنف"
إستهلّ البابا كلمته أمام وفد الجالية الأفغانيّة في إيطاليا، معربًا عن ألمه الكبير حيال المآسي والمعاناة التي عاشتها البلاد في خلال العقود الماضية، الناتجة عن الحروب والصراعات الدامية، فضلًا عن انعدام الاستقرار والدمار والموت والانقسامات الداخليّة والتمييز والهجرات. وتمنّى أن يحصل تعاون في إطار الاحترام المتبادل، كي تبصر النورَ حضارة أكثر عدلًا وإنسانيّة، وتُحترم فيها حقوق الجميع، بعيدًا عن التمييز واستغلال اسم الله لترهيب الأشخاص أو لتغذية الحقد والعنف.
ثمّ ذكّر البابا، أمام الحاضرين، بأنّه سبق أن استقبل مجموعة من العائلات الأفغانيّة اللاجئة في إيطاليا، متوقّفًا عند الأوضاع التي حملت أعدادًا هائلة من المواطنين الأفغان على ترك بلادهم واللجوء إلى دول أخرى، بسبب تتابع الحروب ما زاد من صعوبة العيش بهدوء وحرّيّة وأمن.
لفت البابا إلى أنّ النسيج الاجتماعيّ في أفغانستان، كما هي الحال أيضًا في باكستان المجاورة، مصنوع من شعوب عدّة، كلّ واحد منها يفتخر بثقافته وتقاليده ونمط عيشه. وقال إنّ تلك الاختلافات وعوضًا عن كونها مناسبة لتعزيز حدّ أدنى من القواسم المشتركة بشكل يضمن خصوصيّات كلّ فرد وحقوقه، تحوّلت سببًا للتمييز والإقصاء، وصولًا إلى حّد الاضطهاد بكلّ معنى الكلمة.
أضاف البابا مؤكدًا أنّ هذا الواقع يبرز بشكل جليّ في المناطق القريبة من الحدود مع باكستان، حيث تشابك الأعراق زاد من تعقيدات الواقع المعاش.
توقّف البابا عند العنصر الدينيّ الذي ينبغي، بطبيعته، أن يساهم في التخفيف من التضاربات وخلق مساحة يُعترف ضمنها بحقّ الجميع في المواطنة، بعيدًا عن التمييز. لكنّ الواقع يُظهر أنّ هذا الدين يتعرّض للاستغلال لأنّه يوضع في خدمة مخطّطات لا تتماشى مع طبيعة الدين نفسه. وهكذا يمسي عنصرًا للمواجهة والصدام والحقد، وتنتج عنه أعمال عنف.
واعتبر الأب الأقدس، في هذا السياق، أنْ من الأهمّيّة بمكان أن تنضج لدى كلّ واحد القناعة بأنّنا لا نستطيع أن نغذّي احتقار الآخر والضغينة والعنف باسم الله.
شجّع البابا ضيوفه على الاستمرار في الترويج للتناغم بين الأديان والسعي إلى تخطّي سوء الفهم بين أتباعها من أجل بناء مسيرة مشتركة للسلام والحوار الذي يرتكز إلى الثقة.
هذه المسيرة ليست سهلة، ويمكن أن تواجه أحيانًا كثيرة العراقيل، لكنّها تبقى المسيرة الوحيدة الممكنة ولا بدّ من متابعتها بعزم ومثابرة، إذا ما أردنا فعلًا أن نعمل من أجل خير المجتمع وأن نعزّز السلام.
وتوقّف البابا عند توقيعه مع إمام الأزهر على وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السلام العالميّ والتعايش المشترك في أبو ظبي عام ٢٠١٩، مشدّدا على ضرورة التصدّي لكلّ شكل من أشكال استغلال الدين والتأويل المنحرف للنصوص الدينيّة.
وختم البابا فرنسيس كلمته إلى وفد الجالية الأفغانيّة في إيطاليا بالقول إنّ الديانات لا تحرّض على العنف والحقد والتطرّف والتعصّب الأعمى، مشيرًا إلى أنّ الله لا يريد أن يُستخدم اسمه لترهيب الأشخاص.