الإيمان والوحدة والعمل: دعوة إلى إنهاء العنف الجنسيّ المرتبط بالنزاعات
أينما ذهبت، وأينما كان هناك صراع، هناك ضحايا للعنف الجنسيّ. ومع ذلك، فإنّ "العنف الجنسيّ المرتبط بالنزاعات ليس جانبًا حتميًّا من جوانب الحرب".
كانت هذه النقطة التي أثيرت في ندوة نظّمتها السفارة البريطانيّة لدى الكرسي الرسوليّ والهيئة اليسوعيّة لخدمة اللاجئين. اجتمع المتحدّثون والممثّلون والناجون لمناقشة موضوع "معالجة العنف الجنسيّ المرتبط بالنزاعات من خلال التعليم: نهج قائم على الدين".
الخدمة اليسوعيّة للاجئين والحكومة البريطانيّة هما اثنان من الكيانات التي تعمل بلا كلل لفهم هذه الجريمة البشعة وإيجاد حلول لها، سواء على المستوى الحكوميّ أو على المستوى الشعبيّ.
وكان العديد من هذه المنظّمات والمؤسّسات، إلى جانب الناجين، حاضرين في روما مؤخَّرًا، لتبادل الخبرات والأفكار قبل دعوتهم إلى العمل في خطاب قويّ ألقته دانييلا ألبا، إحدى الناجيات من العنف الجنسيّ والعنف القائم على نوع الجنس (الجنسانيّ).
وقّعت هذه المنظّمات، وغيرها، على إعلان الإنسانيّة من قبل القادة الدينيّين، وهو بيان جماعيّ يؤكّد الكرامة المتأصّلة للناجين والأطفال المولودين من هذا العنف، مع الالتزام أيضًا بالعمل الوقائيّ والإصلاحيّ.
إفتتح الأخ مايكل شوبف اليسوعيّ الندوة من خلال معالجة أحد الجوانب الخطيرة للعنف الجنسيّ المرتبط بالنزاعات: أنّ "ثقافة الإفلات من العقاب قد رسّخت نفسها". وحذّر من أنْ، في هذه الثقافة، تتمّ حماية الجناة، وإهمال الضحايا، ودعا إلى الوحدة الدوليّة.
ثمّ شدّد السفير البريطانيّ كريس تروت على أهمّيّة برامج التعليم والوقاية، واستشهد بإعلان الإنسانيّة لعام 2019، الذي شدّد على التزام المجتمعات الدينيّة بإنهاء وصمة العار ودعم الناجين.
ثمّ استمع الحاضرون في الندوة إلى شهادتيْن من منطقتيْن من العالم حيث العنف الجنسيّ المرتبط بالنزاعات والعنف الجنسيّ والعنف الجنسانيّ، كلّها متأصّلة بعمق في الحياة اليوميّة. وشاركت الأخت إيلينا بالاتي، وهي مرسلة كومبونيّة مقيمة في جنوب السودان، رؤى حول الزيادة المقلقة في العنف الجنسيّ المرتبط بالنزاعات في مناطق النزاع، في حين قدّم فيكتور سيتيبو، من جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة، وصفًا واقعيًّا للظروف في وطنه، حيث يشغل منصب المدير القُطْريّ لجمعيّة الإغاثة الإنسانيّة المشتركة، وحيث أمسى العنف الجنسيّ المرتبط بالنزاعات سلاحًا شائعًا جدًّا في الحرب.
قالت الأخت بالاتي إنّها تودّ أن تكون متفائلة، لكنّ رحلة الألف ميل لا تزال طويلة في هذا المجال الشنيع، كما وصفت هذه الانتهاكات.
وسلّطت الضوء على كيفيّة تأثير العنف الجنسيّ والجنسانيّ ليس فقط على النساء ولكن أيضًا على الرجال والفتيان، حيث يستخدم كسلاح لإضعاف معنويّات مجتمعات بأكملها. "يجب ألّا نخجل من تقديم القيم التي يعلّمنا إيّاها الإنجيل"، حثّت، داعيةً القادة الدينيّين إلى إلهام العمل الأخلاقيّ.
ووصف فيكتور سيتيبو جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة بأنّها "عاصمة الاغتصاب والتعذيب والتشويه"، وأبرز أنه مع نزوح أكثر من 7 ملايين شخص، بات العنف معيارًا مأساويًّا في شرق الجمهوريّة، وهناك، ترك ندوبًا جسديّة ونفسيّة عميقة. وحثّ العالم على اتّخاذ إجراءات، ليس فقط لمعاقبة الجناة، ولكن لتغيير السرديّة التي تجعل هذا العنف ممكنًا. ووصف التأثير المعقّد والمستمرّ مدى الحياة على الناجين، الذين غالبًا ما يواجهون الرفض من الأسر والمجتمعات.
جاء أحد أكثر الأصوات تأثيرًا في الحدث من دانييلا ألبا، إحدى الناجيات من العنف الجنسيّ والعنف الجنسانيّ. وقفت المرأة أمام الندوة كصوت لمعاناة النساء جميعهنّ. تحدّثت عن الفظائع المستمرّة، وبصفتها إحدى الناجيات، شاركت أهمّيّة الرعاية الجماعيّة في رحلتها التي استمرّت 15 عامًا من سوء المعاملة، وبعد ذلك، في طريقها الذي دام 11 عامًا إلى الشفاء، وهو امتياز تعتبره الآن مسؤوليّة للمضيّ في العمل.
دعت البا:
قطاعات متعدّدة إلى الانخراط في العمل لإنهاء هذه الجريمة،
والحكومات إلى سياسات عدم التسامح ووصول صوت الناجين إلى العدالة،
والوكالات الإنسانيّة إلى إقامة مشاريع متعدّدة القطاعات تلبّي الاحتياجات الجسديّة والنفسيّة والطبّيّة للناجين مع تعزيز المساواة بين الجنسيْن...
سلّطت ألبا الضوء على فعاليّة تربية الأجيال المقبلة على نبذ جريمة العنف الجنسيّ والجنسانيّ.
وقالت بأنْ على القادة الدينيّين خلق مساحات آمنة للناجين وتحدّي روايات إلقاء اللوم على الضحيّة.
كما حثّت الصحفيّين على التمسّك بالمعايير الأخلاقيّة، وطلبت منهم الإبلاغ عن التغيير المنهجيّ بدلًا من إثارة قصص الناجين وإضفاء الطابع الوهميّ عليها.
وقالت: "إنّ عالمًا خاليًا من العنف الجنسيّ والعنف الجنسانيّ لا يكون ممكنًا إلّا عندما نتصّرف بوعي واقتناع للترابط معًا باسم الأخوّة الجماعيّة والإنسانيّة المشتركة".
اختتمت دانييلا ألبا خطابها برسالة إلى زملائها الناجين، وشجعّتهم وحثّتهم على أن "نتذكّر أنّ أجسادنا تظلّ مقدّسة".
وأعربت ألبا عن تضامنها مع الذين لا يستطيعون الكلام أينما وجدوا حول العالم.
وخلُصت إلى أنْ "إذا كان الله محبّة، فلنرى ذلك ونشعر به دائمًا".