الأمّ تريزا.. عندما تصلّي
إذ لم تكن هذه الرّاهبة غريبة عن الصّلاة، لا بل أمضت حياتها كلّها تصلّي، فإن لم تُشغل يديها بالعمل كانت تمسك مسبحتها وتتلو على حبّاتها صلاتها مركّزة على القربان المقدّس.
هي لم تمرّ يومًا بجانب ضعيف وغضّت الطّرف، فمن خلالهم كانت ترى المسيح من خلال الجائع والعطشان، والغريب، والعريان، والمريض، والسّجين، فتطعمه وتأويه وتكسوه وتزوره، وتزيل الظّلمة لينبثق نور يطرد الغربة من قلب كلّ منهم، وتمحو بلفتتها الإنسانيّة وصلاتها العتمة من نفس كلّ بائس. فهي لم تفعل ذلك إلّا إيمانًا منها أنّ في نهاية حياتنا "لن نحاسب على عدد الشّهادات الّتي حصلنا عليها ولا على كمّ قد جمعناه من المال ولا حتّى على عدد الإنجازات العظيمة الّتي حقّقناها. ولكننّا سنحاسب على "كنتُ جائعًا فأطعمتموني، كنتُ عريانًا فكسوتموني، كنتُ مشرّدًا فأويتموني"."
هذه الرّسالة كانت أولويّة في حياتها، ولعلّ الموعد الّذي كان بينها وبين البابا يوحنّا بولس الثّاني يوم زارها في الهند هو أكبر دليل، فيومها تخلّفت عن الموعد لأنّها رأت مسكينًا على الطّريق فهبّت لمساعدته، وعندما سألها البابا: "هل نسيت أيّتها الأمّ تريزا أنّك على موعد مع نائب المسيح؟" أجابته قائلة: "لا.. ولكن قداستك.. أنا بخدمتي المريض الّذي يعاني كنتُ مع المسيح نفسه"، فكانت لحظة جليلة بين قدّيسين عظيمين من عصرنا.
إذا، اليوم مع بدء تساعيّتها، لنجعل الأم تريزا مثالاً لحياتنا و"لنسبّح الرّبّ، كما قال البابا القدّيس، على هذه المرأة المتشبّعة من حبّ الله، مرسلة متواضعة للإنجيل وخادمة دؤوبة للبشريّة. من خلالها نحن نكرّم واحدة من أهمّ شخصيّات عصرنا، فلنرحّب برسالتها ولنقتفِ آثارها".