أميركا
08 حزيران 2020, 10:20

الأساقفة الآشوريّون في أميركا: خطيئتان عظيمتان ابتلي بهما بلدنا اليوم

تيلي لوميار/ نورسات
تعليقًا على أوضاع العنف الرّاهنة الّتي تشهدها أميركا، أصدر أساقفة أبرشيّات كنيسة المشرق الآشوريّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة: أسقف غرب أميركا أبرم خامس، وأسقف كاليفورنيا آوا رويل، وأسقف شرق أميركا بولص بنيامين، في الثّالث من الجاري بيانًا مشتركًا جاء فيه:

"شهدنا جميعًا، خلال الأسبوع الماضي، أحداثًا كارثيّة في بلدنا والّتي سبّبت كلّ من الغضب والحزن لنا جميعًا كمواطنين في هذا البلد العظيم.

في يوم 25 من مايو حدثت وفاة فظيعة للرّاحل جورج فلويد في مينيابوليس، في ولاية مينيسوتا، على يد ضابط في الشّرطة الّذي تصرّف بشكل مخالف لما أقسم على خدمة وحماية المواطنين، الأمر الّذي سبّب لنا جميعًا، صدمة كبيرة.

مسيحيًّا وإنسانيًّا، نحن ملتزمون بمستوى أخلاقيّ عالي، وهبها الله نفسه بصفته الخالق وموجد الحياة كلّها، فإنّنا ندعو ونطلب العدالة وإدانة مثل هذا العمل الشّنيع، من قبل النّظام القضائيّ في بلادنا.

إنّ المعاملة القاسية لمواطن، من قبل شخص تمّ استدعاؤه لخدمة المجتمع بتضحيات غير أنانيّة، قد أثارت موجة ساخطة من الاحتجاجات في بلدنا، في عدد لا يحصى من المدن والبلدات.

إنّ الاحتجاجات السّلميّة والبنّاءة، وفقًا لقوانين بلادنا، لا تؤدّي فقط إلى التّنفيس عن الغضب الّذي يشعر به العديد من المواطنين، أصحاب التّفكير الأخلاقيّ، تجاه هذا التّصرّف القاسي واللّاإنسانيّ ضدّ حياة الأبرياء، ولكن هو واجب أخلاقيّ للمواطنين المعنيّين والمشاركين للتّعبير علنًا عن الضّمير الجماعيّ للأمّة في مواجهة الظّلم، وخاصّة في التّجاهل الصّارخ للحياة البشريّة الثّمينة.

وهكذا فإنّنا نصلّي من أجل راحة روح المرحوم جورج فلويد، ونصلّي من أجل أفراد عائلته وأصدقائه الّذين تألّموا على الفقدان المفجع، لحياته.

ومع ذلك، فإنّ الفزع والغضب الحاليّين لمواطنينا يمكن أن يؤدّي إلى خطر التّحوّل إلى مواجهات عنيفة وأعمال شغب ونهب وتدمير ممتلكات المواطنين العاديّين.

للأسف، فإنّنا نشهد هذا الارتباك وفقدان أرواح الأبرياء في العديد من مدننا، اليوم، بحيث أنّ الوفاة المأساويّة لقائد الشّرطة المتقاعد، الرّاحل ديفيد دورن، من سانت لويس في الثّاني من حزيران، هي شاهد على هذه الحقيقة المحزنة، ويجب أيضًا إدانة هذا الأمر باعتباره إهانة لأبسط حقوق مواطنينا وحقّهم في الحياة.

ومع ذلك، فإنّ التّعبير الحرّ عن حقوقنا، يجب أن لا يمنعنا أن نكون مدركين وحريصين بما يكفي، حتّى لا نضرّ حقوق الآخرين.

ندعو مواطنينا إلى ممارسة ضبط النّفس والحكمة في إطار الاحتجاجات السّلميّة الهادفة، وليس في تدمير الممتلكات الشّخصيّة والعامّة، لأنّ مثل هذا السّلوك لا يخدم أبدًا مقاصد السّلام والعدالة في مجتمعنا، أو أيّ مجتمع آخر.

كمسيحيّين، سواءً كنّا، مؤمني كنيسة المشرق الآشوريّة، أو الكنائس المسيحيّة الأخرى، فإنّنا مدعوّين لأن نكون منارات نور وخلاص المسيح، لجميع النّاس.

الإنجيل يعلّمنا أنّنا مدعوّين أن نكون "ملح الأرض" و"نور العالم" (متّى 5: 13– 14). يجب أن لا نتوافق مع طرق العالم، بل يجب أن نغيّر طرق العالم من خلال حياتنا وشهادتنا المسيحيّة.

بالإضافة إلى ذلك، نحن مدعوّون لتقديم شفاء المسيح إلى عالم مكسور، تشوبه الخطيئة والصّراع، وبشكل خاصّ، جعل تلك القوّة الشّافية لمخلّصنا، حقيقيّة وحاضرة في مجتمعنا وأحيائنا ومجتمعاتنا ككلّ.

 

من الواضح لنا جميعًا أنّ خطيئتين عظيمتين ابتلي بهما بلدنا اليوم وهما، التّجاهل للحياة البشريّة، والازدراء التّامّ لأخينا، والّذي يتمّ التّعبير عنه بشكل خاصّ في فظاعة العنصريّة والتّعصّب العنصريّ.

يعلّمنا الكتاب المقدّس، أنّنا خلقنا جميعًا على صورة الله ومثاله، على حدّ سواء، وإنّ المسيح مات ليحمل الخلاص لجميع البشر، بغض النّظر عن العرق أو الطّبقة الاجتماعيّة. نحن ندرك أنّ هذه خطيئة عانت منها بلدنا لقرون، وما زلنا نعاني مع التّعصّب العنصريّ، حتّى في أيّامنا هذه.

ومع ذلك، فإنّه لا يمكن الشّفاء من هذه الشّرور والعلل، إلّا عندما ننقل نحن المسيحيّين وبنشاط رسالة المصالحة للإنجيل، إلى مواطنينا ومجتمعاتنا، ويتألّف هذا الشّفاء من إدراك فهم بعضنا لبعض على أساس أنّنا مخلوق فريد في عيون الله، ونسامح بعضنا البعض لخطايانا المجتمعيّة الماضية والحاضرة وفي حبّ أخينا في الإنسانيّة دون قيد أو شرط، بقلب كامل والرّغبة بالمصالحة.

إنّ دور الكنائس وقادة الإيمان في جميع أنحاء بلدنا، أمر حيويّ في تعزيز هذه العناصر، لشفاء مجتمعنا المنكسر والمقسّم هذا اليوم. العنف ليس، ولا يمكن أن يكون أبدًا، الجواب لمعالجة مشاكلنا الاجتماعيّة.

وبدلاً من ذلك، فإنّ العنف يخدم فقط توسيع الفجوة بين المواطنين، والّذي هو موجود أصلاً، ممّا يجعل الأمر أكثر صعوبة على كلّ واحد منّا للتّواصل والتّقارب مع الآخر.

لذلك ندعو جميعًا، سواءً أكنّا قادة دينيّين، موظّفين مدنيّين منتخبين، ونشطاء المجتمع والمواطنين من النّوايا الحسنة، لأن نقوم بدورنا الفريد الّذي لا غنى عنه في تعزيز السّلام والتّفاهم بين مواطنينا الأميركيّين.

كشعب، عانى تاريخيًّا من الظّلم والتّميّز بسبب إيماننا المسيحيّ وهويّتنا الآشوريّة، ندعو جميع مؤمنينا للصّلاة من أجل أولئك الّذين حرموا بشكل مأساويّ في حياتهم بسبب العنف والكراهيّة، أبذل قصارى جهدك لتعزيز المصالحة والتّسامح بين أصدقائك وجيرانك وفي مجتمعك في جميع أنحاء بلدنا. لنحترم بعضنا البعض كأخوة وأخوات حقيقيّين في المسيح، بكلماتك وأفعالك، وتذكّر أنّك أمّة عريقة قدّمت مساهمات عظيمة للمجتمع البشريّ منذ آلاف السّنين.

لنكن جميعًا معًا، كأفراد وجماعات كأميركيّين، نقدّم التّوبة أمام الله بسبب احتياجنا إلى محبّة بعضنا لبعض.

الآن هو الوقت المناسب، لكي يبتدأ بلدنا في شفاء نفسه من هذه الجروح الحالية للكراهيّة واللّامبالاة تجاه بعضنا البعض، وهذا لا يتمّ إلّا بأن نقدّم نحن المسيحيّين، المسيح في العالم الّذي نعيش فيه اليوم".

ودعا الرّؤساء الثّلاث للأبرشيّات في بيانهم إلى إقامة صلوات أمس الأحد من أجل إحلال السّلام والمصالحة، سائلين في الختام بركة الرّبّ للجميع "بغضّ النّظر عن عرقنا، لأنّ الله يحبّنا بالتّساوي وينظر إلى جميع الأجناس الّتي خلقها بتجرّد، لكي نتمكّن من البدء في حبّ جارنا بكلّ ذواتنا".