أوروبا
18 كانون الثاني 2017, 06:43

الأرشمندريت أنطوان الحدّاد لتيلي لوميار من مرساي الفرنسيّة: "نعيش في كنيستنا الوحدة الحقيقيّة لكونها تجمع ابناء الكنائس المشرقيّة"

وسط مدينة تتغنّى بتنوّعها الثّقافيّ والشّعبيّ والكنسيّ، وسط مدينة تضجّ بصخب الحياة وعبير التّلاقي بين سائر أبنائها القاطنين فيها، تطلّ كنيسة القدّيس نيقولاوس للرّوم الملكيّين الكاثوليك لتشهد على تاريخ وإرث مشرقيّ قلّ نظيره في الدّولة الفرنسيّة.

 

إنّ تواجد أبناء الكنيسة في مدينة مرساي قد بدأ بالظّهور منذ العام 1800 ومع وصول المثّلث الرّحمات البطريرك مكسيموس مظلوم الى مدينة مرساي رأى من الضرورة بمكان أن يكون للكنيسة راع لكي يرعى القطيع، فانكبّ عمله على شراء أرض وكنيسة وهنا كانت نقطة الانطلاق.

الأرشمندريت أنطوان الحدّاد كاهن رعيّة القدّيس نيقولاوس للرّوم الملكيّين الكاثوليك في مدينة مرساي الفرنسيّة حدّثنا عبر تيلي لوميار ونورسات بإسهاب عن تاريخ الكنيسة قائلاً: "المرحلة الأولى لتاريخ الكنيسة قد بدأت بالاستحصال على إذن من السّلطات الفرنسيّة لشراء أرض وكنيسة في العام 1819، وفي العام 1820 تمّ شراء الأرض من عائلة فرنسيّة.

وفي السابع من شهر حزيران العام 1821 بدأ العمل ببناء الكنيسة.

وفي الخامس من شهر كانون الثّاني العام 1822 أقيم فيها القدّاس الأوّل".

وتابع الأرشمندريت أنطوان الحدّاد، تتميّز الكنيسة الّذي تعاقب على خدمتها 15 كاهنًا بالدّفء الإيمانيّ خصوصًا أنّها تحتضن ذخيرة القدّيسة مريم ليسوع المصلوب حيث كانت تتوافد اليها فتصيب فيها ما كانت تشغف به من روعة الطّقوس البيزنطيّة واللّيترجيّة الشّرقيّة، وما يحفّ بها من أجواء خاشعة وأضواء السّرج الخافتة وشذا المباخر والمجامر، واختارت لها مرشدًا الأب فيليب عبده اللّبنانيّ، ناظر الكنيسة.

وأضاف الأرشمندريت أنطوان الحدّاد، انها بينما كانت جاثية ذات صباح امام القربان بعد التناول، في كنيسة القدّيس نيقولاوس، وإذا بها تختطف بالرّوح فيدوم اختطافها أربعة أيّام متتالية ويقرّ الأطبّاء بعجزهم عن تفسير تلك الظّاهرة الغريبة تفسيرًا طبيعيًّا، وتشاهد مريم إبّان اختطافها مشاهد السّماء والجحيم والمطهر، وتؤمر بأن تكتفي من الطّعام مدّة سنة بالخبز والماء تكفيرًا عمّن يسرقون في المآكل والموائد ومن الكسوة بالألبسة الرّثّة، تكفيرًا عمّن يغلون في البذخ والترف.

وبموازاة ذلك، أوضح الأرشمندريت أنطوان الحدّاد أنّ ما يميّز كنيسة القدّيس نيقولاوس هي تلك الرّوزنامة الطّقسيّة اللّاتينيّة المصنوعة على شكل هيكل وموزّعة على 12 شهرًا مدوّن عليها أسماء القدّيسين وذخائرهم وهذه الرّوزنامة هي فريدة من نوعها وتتغنّى بها كنيسة القدّيس نيقولاوس في مدينة مرساي الفرنسيّة.

وعن ميزات الكنيسة أشار الأرشمندريت أنطوان الحدّاد إلى أنّه ومنذ العام 1869 بدأت عوادي الزمن تبرز بشكل جلي على معالم الكنيسة وبرزت آنذاك الحاجة إلى العديد من الإصلاحات في البناء. وللغاية أقيمت  بعض الإصلاحات المتواضعة في العام 1889 لم تكن كافية وبالتّالي فإنّ الكنيسة اليوم هي بصدد التّحضير لجملة مشاريع وإصلاحات للكنيسة لكي تعود إلى شكلها الملائم وتسعى إلى خصخصة ميزانيّة معيّنة من أجل نهضة الكنيسة وإعادة تجميلها.

الكنيسة وبحسب ما وصفها الأرشمندريت الحدّاد هي أيقونة بالجمال من صحنها إلى سقفها مرورًا بايقونسطاسها وصولاً إلى جمال هندستها المعماريّة البيزنطيّة وألوانها الّتي ترمز إلى الحياة والإيمان والإكرام.

وبالرّغم من التّحدّيات الّتي تحيط بالكنيسة في مجتمع تجتاحه المغريات، أورد الأرشمندريت أنطوان الحدّاد أنّ أبناء الكنائس المشرقيّين المتواجدين في مرساي، ما زالوا محافظين على قيمهم وتراثهم المشرقيّ كما أنّ الكنيسة تسعى لتكون إلى جانبهم بشكل دائم من خلال الزّيارات المتبادلة والنّشاطات والقداديس والصلوات في المناسبات والأعياد كافّة، لافتًا إلى أنّ مرساي استقطبت أعدادًا كبيرة من المهجّرين السّوريّين والعراقيّين وهذا ما يرتّب على الدّولة والكنيسة مسؤوليّة مشتركة تكمن في تحمّل الأعباء المثقلة بالهموم وهذا ما يجعل  الكنيسة مكبّلة في الكثير من الأحيان وعاجزة عن القيام بشيء.

ولفت الأرشمندريت الحدّاد إلى أنّ الكنيسة تسعى دائمًا إلى مدّ جسر التّواصل بين الشّرق والغرب من خلال إقامة القداديس والصّلوات باللّغتين العربيّة والفرنسيّة بحسب الطّقس البيزنطيّ وكلّ التّقليد المتّبع في الشّرق ولديها جوقة متواضعة تقوم بخدمة القداديس والصّلوات.

وعن تطلّعاته من أسبوع الوحدة لخّص حديثه بالقول: "إنّ كنيسة القدّيس نيقولاوس هي خير من يمثّل الوحدة المسيحيّة نظرًا إلى أنّ كلّ أبناء الكنائس المشرقيّة يتوافدون إليها للمشاركة بالصّلاة كما أنّ الكنيسة تتشارك والكنائس الأخرى بسائر البرامج المعدّة سنويًّا لإحياء أسبوع الوحدة".