الفاتيكان
24 كانون الثاني 2022, 12:50

الأربعاء... يوم صلاة من أجل السّلام بدعوة بابويّة!

تيلي لوميار/ نورسات
"أتابع بقلق ازدياد التّوتّرات الّتي تهدّد بتوجيه ضربة جديدة للسّلام في أوكرانيا وتضع الأمن في القارّة الأوروبيّة موضع الشّكِّ، مع تداعيات أوسع. أناشد من صميم القلب جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصّالحة لكي يرفعوا الصّلاة إلى الله القدير لكي يكون كلّ عمل ومبادرة سياسيّة في خدمة الأخوَّة البشريّة وليس في خدمة المصالح الخاصّة، لأنّ الّذي يسعى وراء أهدافه على حساب الآخرين يحتقر دعوته كإنسان، لأنّنا قد خُلقنا جميعًا إخوة. لهذا السّبب وبقلق، وبالنّظر إلى التّوتّرات الحاليّة، أقترح أن يكون يوم الأربعاء المقبل، السّادس والعشرين من كانون الثّاني يناير، يوم صلاة من أجل السّلام."

هذا ما دعا إليه البابا فرنسيس أمس الأحد بعد صلاة التّبشير الملائكيّ والّتي تلاها مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس.

وكان البابا قبل الصّلاة قد ألقى كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "في الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم، نرى يسوع يفتتح بشارته. ذهب إلى النّاصرة حيث نشأ وشارك في الصّلاة في المجمع. وقام ليقرأ، وفي السّفر الّذي دُفِعَ به إليه، كان هناك مقطع من النّبيّ أشعيا عن المسيح، الّذي يعلن رسالة تعزية وتحرير للفقراء والمظلومين. وبعد أن قرأه- يقول- "َكانَت عُيونُ أَهلِ المَجمَعِ كُلِّهِم شاخِصَةً إِلَيه". كان الجميع ينتظرون فَأَخَذَ يسوع يَقولُ لَهُم: "اليَومَ تَمَّت هَذِهِ الآيَةُ بِمَسمَعٍ مِنكُم".

لنتوقّف عند كلمة "اليوم". إنّها الكلمة الأولى في عظة يسوع الّتي يخبرنا عنها إنجيل لوقا. وإذ لفظها الرّبّ، هي تشير إلى "اليوم" الّذي يتخطّى كلّ عصر ويبقى صالحًا على الدّوام. يرجع تاريخ نبوءة أشعيا إلى قرون، لكن يسوع "بقوّة الرّوح"، جعلها آنيّة لا بل تمّمَها.

كان مواطنو يسوع يَعجَبونَ مِن كَلامِه. ولكن حتّى لو لم يؤمنوا به، بسبب الأحكام المسبقة، إلّا أنّهم قد تنبّهوا إلى أن تعليمه ليس مثل تعليم المعلّمين الآخرين: لقد شعروا أنّ هناك المزيد في يسوع. ماذا يوجد؟ مسحة الرّوح القدس. قد يحدث أحيانًا أن تبقى عظاتنا وتعاليمنا عامّة ومجرّدة ولا تلمس أرواح النّاس وحياتهم. لماذا؟ لأنّها تفتقر إلى قوّة هذا اليوم: ذلك اليوم الّذي يملأه يسوع بالمعنى بقوّة الرّوح القدس. يمكننا أن نستمع إلى محاضرات لا تشوبها شائبة، وخطب بلاغيّة مثاليّة، ولكنّها مع ذلك لا تحرّك القلب وهكذا يبقى كلّ شيء كما كان من قبل. تحمل العظة هذه المخاطرة: فبدون مسحة الرّوح تُفقِرُ كلمة الله، وينتهي بها الأمر في الأخلاق والمفاهيم المجرّدة؛ فتقدّم الإنجيل بتجرّد كما لو كان خارج الزّمن وبعيدًا عن إيقاع الحياة اليوميّة. لكن الكلمة الّتي لا تنبض فيها قوّة "اليوم" ليست أهلاً بيسوع ولا تساعد حياة النّاس. لهذا السّبب، على الشّخص الّذي يعظ أن يكون أوّل من يختبر "يوم" يسوع، وينقله إلى "يوم" الآخرين.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، في أحد كلمة الله هذا أودّ أن أشكر جميع الواعظين والمبشّرين بالإنجيل. لنصلِّ من أجلهم، لكي يعيشوا "يوم" يسوع، قوّة روحه العذبة الّتي تجعل الكتاب المقدّس حيًّا. إنَّ كلمة الله، في الواقع، حيّة وفعّالة، هي تغيّرنا، وتدخل في أحداث حياتنا، وتنير حياتنا اليوميّة، تُعزّي وتُنظِّم. وبالتّالي لنتذكّر على الدّوام أنَّ الكلمة تحوّل أيّ يوم عاديٍّ إلى "اليوم" الّذي يخاطبنا فيه الله. لذلك، لنأخذ الإنجيل في يدنا، ولنقرأ يوميًّا مرارًا وتكرارًا مقطعًا صغيرًا بهدوء. ومع مرور الوقت سوف نكتشف أنّ تلك الكلمات قد كُتِبَت خصّيصًا لنا ولحياتنا. وستساعدنا لكي نقبل كلّ يوم بنظرة أفضل وهدوء أكبر، لأنّه عندما يدخل الإنجيل في يومنا فهو يملأه بالله. وأودّ أن أقدّم لكم اقتراحًا. في أيّام الآحاد من هذه السّنة اللّيتورجيّة، يتمُّ إعلان إنجيل لوقا إنجيل الرّحمة. لماذا لا تقرؤوه شخصيًّا أيضًا، بكامله، مقطعًا صغيرًا كلّ يوم؟ لنتآلف مع الإنجيل، وسيحمل لنا حداثة الله وفرحه!

إنّ كلمة الله هي أيضًا منارة تقود المسيرة السّينودسيّة الّتي أطلقناها في الكنيسة بأسرها؛ وفيما نلتزم في الإصغاء إلى بعضنا البعض بتنبّه وتمييز لنصغِ معًا إلى كلمة الله والرّوح القدس. ولتنل لنا العذراء مريم الثّبات لكي نتغذّى يوميًّا من الإنجيل."

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بالأمس في سان سلفادور تمّ إعلان تطويب الكاهن اليسوعيّ روتيليو غراندي غارسيا واثنين من رفاقه العلمانيّين، والكاهن الفرنسيسكانيّ كوزمي سبيسوتو، شهداء الإيمان. لقد وقفوا إلى جانب الفقراء، يشهدون للإنجيل والحقّ والعدالة وصولاً إلى سفك دمائهم. ليولِّد مثالهم البطوليّ الرّغبة في الجميع لكي يكونوا صانعي أخوّة وسلام شُجعان."

أتابع بقلق ازدياد التّوتّرات الّتي تهدّد بتوجيه ضربة جديدة للسّلام في أوكرانيا وتضع الأمن في القارّة الأوروبيّة موضع الشّكِّ، مع تداعيات أوسع. أناشد من صميم القلب جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصّالحة لكي يرفعوا الصّلاة إلى الله القدير لكي يكون كلّ عمل ومبادرة سياسيّة في خدمة الأخوَّة البشريّة وليس في خدمة المصالح الخاصّة، لأنّ الّذي يسعى وراء أهدافه على حساب الآخرين يحتقر دعوته كإنسان، لأنّنا قد خُلقنا جميعًا إخوة. لهذا السّبب وبقلق، وبالنّظر إلى التّوتّرات الحاليّة، أقترح أن يكون يوم الأربعاء المقبل، السّادس والعشرين من كانون الثّاني يناير، يوم صلاة من أجل السّلام."

وخلص البابا فرنسيس إلى القول في سياق أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين، قبلت الاقتراح الّذي بلغني من جهات مختلفة وأعلنت القدّيس إيريناوس ملفانًا للكنيسة الجامعة. إنَّ عقيدة هذا القدّيس الرّاعي والمعلّم هي بمثابة جسر بين الشّرق والغرب: ولهذا نشير إليه كملفانٍ للوحدة "doctor unitatis". ليهبنا الرّبّ بشفاعته أن نعمل معًا من أجل الوحدة الكاملة للمسيحيّين".