متفرّقات
04 تموز 2023, 12:15

الأب جلخ للمتخرجين: تتركون الجامعة لكنّكم لن تفارقوها، تذكّروا أنّ ما أخذتموه من جامعتكم يطاول حياتكم بحلاوتها ومرّها

تيلي لوميار/ نورسات
أقامت الجامعة الأنطونيّة حفل تخرّج للعام 2023 في حرم الجامعة الرّئيس في الحدت-بعبدا، تخلّله توزيع شهادات على طلابها من فروع الجامعة في الحدت- بعبدا، والنبي أيلا-زحلة، ومجدليا-زغرتا، ومن مختلف الاختصاصات. وقد حضره إلى رئيس الجامعة الأب ميشال جلخ، راعي الجامعة الأنطونيّة الأباتي مارون أبو جودة، نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، النائبان الان عون وجورج عقيص، الوزير السابق وعضو مجلس أمناء الجامعة دميانوس قطّار، والنائب طوني فرنجية ممثّلا بالسيّد محسن حبشي، رئيس بلديةّ الحدت الأستاذ جورج عون، مؤسِّسة بيت البركة السيّدة مايا ابراهيم شاه، إضافة الى مدبّرين في الرّهبنة الأنطونية، وعدد من الراهبات، ونواب رئيس الجامعة، والعمداء، وأعضاء مجلس الجامعة، وقد شارك في الاحتفال الطلاب وأولياؤهم.

بعد النشيد الوطني، ألقيت الكلمات تباعًا واختتم حفل التخرّج بتوزيع الشهادات والجوائز والمنح على الطلاب المتفوّقين. 

الأب جلخ أشار في كلمة توجّه بها الى المتخرّجين قائلًا: "تتركون الجامعة صحيح، لكنكم لن تفارقوها. أتعلمون لماذا؟ لأنكم أنتم أصبحتم الجامعة وأصبحت الجامعة أنتم!" ولفت الى أن الرهبنة الأنطونيَّة لم تُرد يومًا إنشاء مؤسَّسة جامعيَّة بل مؤسَّسة تربويَّة تُعنى بطالباتها وطلّابها. تَبني الإنسان الذي فيكم وليس عقله وحسب، تعتني ببناء شخصيَّتكم وبأخلاقكم ولا تكتفي فقط بمدِّكم بالمعلومات. وسأل: "ما نفع الإنسان لو ربح المعرفة كلّها وخسر قيمه، وماذا تجدي له مراكز الدنيا ما لم يُحدِثِ الفرق في شخصيته واستقامته ومناقِبيَّته". وتوجّه الى المتخرّجين قائلًا: "تذكَّروا أن ما أخذتموه من جامعتكم يتخطّى بأشواط تُخومَها الجُغرافية وسِنيها المعدودة ليُطاول حياتكم وعلاقاتكم ونظرتَكم لأمور الحياة بحلاوتها ومُرِّها".

بدورها توجّهت ضيفة الشّرف، مؤسِّسة " بيت البركة " السيّدة مايا ابراهيم، الى الطلّاب بنصائح عدّة ليس فقط في الحياة الأكاديمية إنما في الحقل الإجتماعي، لافتة الى أن مستقبل لبنان هو الصناعة الوطنية، والصناعة الوطنية هي المستقبل، والمستقبل هو أنتم." ونصحت الطلاب للدخول الى عالم الصناعة الوطنية حيث آفاق الفرص لا تنتهي. وقالت: "عليكم التقاط الفرص، من خلال: الإنتظام في الأفكار، الإبتعاد عن الكبرياء الذي هو أكبر عدو للإنسان وللنجاح، وتحويل المشاكل الى تحدّيات، التركيز على الإيجابية، الإستفادة من التكنولوجيا وعدم الخوف منها".

وقبل توزيع الشهادات، تم تقديم المنح للمتفوّقين. 

 

جلخ

قال رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال جلخ في كلمته:

"أهلًا بكم في الجامعة الأنطونيَّة التي تضمُّ إلى قلبها في الحدت-بعبدا، ذراعيها في الشمال والبقاع، لابسةً حُلّة العيد لتحتفل مع كلِّ أعضائها، رؤساء ومسؤولين وأساتذة وإداريِّين، بفوج جديد من خرِّيجيها.

أيُّها الخرِّيجاتُ والخِرِّيجون،

يمتزج شعورُنا الليلة بين فرح الاحتفال بكم ومرارةِ مغادرتكم لنا. كنّا دومًا على يقين أنَّكم ما دخلتم الجامعة إلّا لتغادروها، ولكن تبقى في القلب غصَّة عدم ضجيجكم اليوميّ في رحابها وانحسار تفاعلِنا المباشر معكم. تتركون الجامعة صحيح، لكنكم لن تفارقوها. أتعلمون لماذا؟ لأنكم أنتم أصبحتم الجامعة وأصبحت الجامعة أنتم! فالرهبنة الأنطونيَّة لم تُرد يومًا إنشاء مؤسَّسة جامعيَّة بل مؤسَّسة تربويَّة تُعنى بطالباتها وطلّابها. تَبني الإنسان الذي فيكم وليس عقله وحسب، تعتني ببناء شخصيَّتكم وبأخلاقكم ولا تكتفي فقط بمدِّكم بالمعلومات. فما نفع الإنسان لو ربح المعرفة كلّها وخسر قيمه، وماذا تجدي له مراكز الدنيا ما لم يُحدِثِ الفرق في شخصيته واستقامته ومناقِبيَّته. تذكَّروا أن ما أخذتموه من جامعتكم يتخطّى بأشواط تُخومَها الجُغرافية وسِنيها المعدودة ليُطاول حياتكم وعلاقاتكم ونظرتَكم لأمور الحياة بحلاوتها ومُرِّها.

تنطلقون إلى رِحاب العالم الواسعة وقلبُنا معكم وعليكم. قلبنا معكم لأنّكم أصبحتم أبناءنا أكثر منكم طلّابنا. فما حاولناه معكم يتخطّى حدود التعلّم والتعليم ليمتدَّ إلى صقل شخصيَّتكم وتعاملكم مع الآخرين وتطوير قدراتكم التعاطفيَّة وفهمكم وجهة نظر مَن يختلف عنكم. وقلبنا عليكم من شِدَّة خوفنا ممّا ستواجهونه في عالم ضائِع متخبِّط يفتِّش هو عن طريقِه ولا يعرف أيَّ وُجهة يسلك. طريق الحياة مختلف عن طريق التعلّم الجامعي، ولهذا لم يقتصر عملنا معكم على جزءٍ منكم بل على تنميتكم تنمية إنسانيَّة شاملة ومستدامة.

إنها المرَّة الأولى التي ستُمسكون زمام أمور حياتكم كاملة بيدكم. انتهت المدرسة وانتهت الجامعة وأصبح دورُ أهلكم نسبيًّا. يمكنكم أن تفكّروا في العقبات وتركّزوا على الصعوبات وتخافوا من التغيير وتلعنوا، ويمكنكم أن تقتنصوا الفُرص وتحاربوا السلبيَّة وتعملوا على الحلول وتباركوا. لكم أن تختاروا، ولكن لا تفرِّطوا بالحياة التي وهبت لكم والتي هي أغلى ما عندكم.

ستجدون من التفاهة في هذا العالم ما يفيض لكي تهدروا وقتكم. ستجدون من البلاهة ما يكفي لكي تضيِّعوا حياتكم. ولكن ستجدون أيضًا منارات خلّاقة تضيء لكم من قلب العتمة، وإرادات صلبة ما استسلمت لواقع مرير، بل جعلت منه حافزًا للنهوض من تحت الردم. صدِّقوني: إنَّ ما أقوله ليس شِعرًا برّاقا ولا هو نظريَّة خلّابة، بل واقعًا ملموسًا متجسِّدًا في سيِّدة نقدِّمها الليلة نموذجًا.

هي التي آمنت أن الضعفاءَ والمهمَّشين وكبارَ السنِّ بركةً، فكان "بيت البركة". هي التي اعتبرت تراثَ لبنان بشعبه وأرضه وخيراته كنزًا، فكان "بيت كنز". كان بإمكانها أن تندُب حظَّها، وتبكي مصيرَها، وتيأس من وطنها، وتقضي حياتها تشتكي وتتذمَّر وتتململ. لكنَّها أبت إلا أن تؤمن بلبنان وتعمل بكلِّ ما أوتيت من قوَّة لكي يصمد أولادها وأولادنا في هذا الوطن. 

صاحبة مقولة "شو هالشعب اللبناني اللّي بياخد العقل!" أدركت كم شعبنا عظيم وكم هو كبير بعنفوانه وكرامته ووجعه، وكم هو متعاضد ومتكافل ومتعاطف، لا ينقصه سوى مَن يضع ثقته به، فكانت هي الثقة. 

أنَّها من طينة أولئك الذين سيَسألون الملك "متى رأيناك جوعانًا أو عطشانًا، غريبًا أو عريانًا، مريضًا أو سجينًا وأسعفناك؟" فيجيبهم: "الحق أقول لكم: كلَّ ما فعلتم شيئًا مع واحدٍ من إخوتي هؤلاء الصغار، فمعي فعلتُموه!" (متّى 25: 40).

مايا إبراهيم شاه، أهلا بك في الجامعة الأنطونيَّة ضيفًا عزيزًا وقدوة في الإنسانيَّة.

عشتم، عاش بيت البركة، عاشت الجامعة الأنطونيَّة، عاش لبنان".

 

مايا ابراهيم شاه

هنّأت مؤسِّسة "بيت البركة" مايا ابراهيم شاه المتخرجين بالجامعة الأنطونية التي تعتبر من بين الأهم ليس فقط في لبنان إنما في العالم العربي وعبّرت عن افتخارها لوقوفها امام المتخرّجين، امام مستقبل لبنان على ما أشارت، لافتة الى انها أسّست جمعية "بيت البركة" في العام 2019، ولفتت الى ان حتى تاريخه ساعدت من خلالها حوالى 226 الف عائلة تضمّ مسنّين، و12 ألف تلميذ يتم دفع أقساطهم المدرسيّة، 8 ألاف أستاذ في 99 مدرسة اضافة الى أمور أخرى، وقالت: "إن الأهم أننا نحوّل اليوم كل العائلات الى صناعيين حرفيّين، ليعملوا ويستقلّوا ماديًّا من خلال مؤسّسة " كنز"، لأننا نعتبر ان الشخص لا يجب أن يطلب طعامًا انما عملًا، ولفتت الى ان مؤسّستها تخلق فرص عمل كثيرة في بلد فقد الجميع الأمل منه، وشبابه يهاجرون. واضافت بالقول: " نحن آمنّا بلبنان، وبالفرص ونجحنا"، ولهذا السبب أنا موجودة معكم اليوم.

ولفتت الى ان الإبداع والإبتكار والصناعة في دم اللبنانيّين، وكان اللبناني من اهم المصدّرين في العالم. ولكن منذ ثلاثين سنة توقّف كل شيئ واصبح لبنان يستورد 80% من كل احتياجاته، واليوم مع الإنهيار الإقتصادي تفاقم هذا الوضع. 

وتوجّهت للمتخرّجين: قائلة إن السوق هو لكم، ومستقبل لبنان هو الصناعة الوطنية، والصناعة الوطنية هي المستقبل، والمستقبل هو أنتم." وتابعت بالقول: ادخلوا في عالم الصناعة الوطنية حيث آفاق الفرص لا تنتهي. وقالت: عليكم التقاط الفرص، من خلال: الإنتظام في الأفكار، الإبتعاد عن الكبرياء الذي هو أكبر عدو للإنسان وللنجاح، تحويل المشاكل الى تحدّيات، التركيز على الإيجابية، الإستفادة من التكنولوجيا وعدم الخوف منها.