الأبّاتي رزق للقدّيس بيو: "نأتي إليكَ يا قدّيسَنا وقد أنهكَتنا الهمومُ وأتعبَنا الخوفُ في بلدنا المجروح لبنان"
بعد قراءة الإنجيل، تحدّث الأبّاتي رزق بكلمة شكر للحاضرين وقال: "في عيد القدّيس بيو، نسمع كلمة يسوع " طوبى لكم..."، وكلمتُهُ هذه تتوجّه إلينا، نحن الذين أدركنا نعمة الله في الابن، وتُقنا إلى الملكوت! وقد تكون هذه العِظة مثيرٌ للدهشة، لأنّنا أمام مفارقة جديرة بالدهشة: فما هو همٌّ وغمّ في مقياسِ البشر، هو "طوبى" في مقياس الربّ!"
أضاف الأبّاتي رزق: "ما يقصده يسوع في خطبته هذه، التي يتوجّه بها إلى التلاميذ، ومن خلالهم إلى من يتبعونه، هو أنّ السعادة مع يسوع لا يحدُّها عطش أو فقر أو جوع! فمن كان مستعدًّا ليتبع يسوع ويحفظ كلمته ويحيا تعليمه، سينال السعادة معه!
يسوع رفع "الطوبى" أي السعادة إلى مقامٍ ليس له سابق، فالسعادة تأتي من الثقة بالعناية الإلهيّة، بأنّ إلهنا "عمّانوئيل" هو معنا في خضمّ أوجاعنا ومشاكلنا...والسعادة الحقيقيّة هي في الاتّكال على الربّ!
أردف الأبّاتي رزق: "في ذكرى القدّيس بيو، الذي عاش فرح الملكوت في ترهُبّه وخدمته، نفهم أكثر معنى التطويبات، وبخاصّةٍ من ناحية التجرُّد من كلّ شيء ما عدا الله! فالسعادة كما لمسناها في سيرته هي في الثبات في الربّ: في المرض اتّكل على يسوع! في التجارب احتمى به! في الاضطهاد ثبُت به! في عمله تكرّس له حتّى نسيان ذاته وأوجاعه في سبيل سماعِ الاعترافات ومساعدة النفوس!
فالتقى الجياع والعطاش إلى البرّ، والتقى المساكين والحزانى، والمتعبين والخائفين، والمضطهَدين كما المضطهِدين... الرحماء والأنقياء ومَن يجهدون من أجل السلام ... المتألِّمين والضعفاء ... وكلّهم كان لهم مصدر "طوبى" لأنّه استمع إليهم وشدّدهم ودلَّهم على طريق يسوع".
ختم الأبّاتي رزق بالقول: "نأتي إليك يا قدّيسنا وقد أنهكَتنا الهموم وأتعبنا الخوف من الغد ومن العيش في بلدنا المجروح، ونحن موجوعين وضائعين... وبخطيئتنا أيضًا مُثقَلين. لكنّنا واثقون أنّك ستسمعنا وترشدنا كيف نعود إلى الثقة بالله وبرحمته، وتذكّرنا كيف نصفّي القلوب والنوايا ونشدّ العزيمة في صنعِ السلام في بيوتنا وفي مجتمعنا ...
إنجيل اليوم هو شريعةٌ لعيش الملكوت. إنْ عرفْنا كيف نحياه، سنبدأُ منذ هذه اللحظة في تذوّق السلام! فنحن بلقائنا الكلمة وحفظِها سنكون: "أنقياء القلوب" لا يميل قلبُنا إلى السوء، ولا لسانُنا إلى الغضب والنميمة والنفاق، وسنرتوي من الكلمة ونسقي آخرين من خيرها، وسنرث معًا الملكوت ويملك الربّ كما في السماء كذلك على الأرض! إنِ اضطُهدنا من أجل البرّ، فطوبى لنا لأنّنا سنغلب بالرجاء أشقى الأمور ...
إنّ الربّ حاضرٌ معنا وهو لا يتركنا. وإن تركناه يبقى أمينًا. وهو يشدّدنا في قدّيسيه. آمين."