لبنان
18 كانون الثاني 2022, 12:50

الأباتي نجم في عيد أب الرّهبان: لنشكر الله على هذه الصّحراء علّها تكون لنا فرصة للعودة إلى الذّات

تيلي لوميار/ نورسات
متأمّلاً بحياة القدّيس أنطونيوس الكبير ورسالته، احتفل الرّئيس العامّ للرّهبانيّة المارونيّة المريميّة الأباتي بيار نجم بقدّاس عيد أب الرّهبان، في كنيسة دير سيّدة اللّويزة- زوق مصبح، عاونه فيه لفيف من الكهنة، وألقى عظة جاء فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام":

"نعرف أنّ بين أنطونيوس والصّحراء علاقة مميّزة، فعندما نقول القدّيس أنطونيوس يجول في خاطرنا رهبان الصّحراء والابتعاد عن العالم وأعمال التّقشّف والإماتة والصّوم والصّلاة.  

إنّ قرار القدّيس الكبير بترك هذا العالم لم يأت حبًّا بالصّحراء والعزلة فقط، بل هو قرار تحرّر. لقد تعب من الشّقاء، الّذي تولّده الخطيىة. لقد كره الخطيئة وعشق الاتّحاد بالمسيح وحده، فحمل ذاته وقرّر التّحرّر من كلّ ما هو مادّيّ وزمنيّ في هذا العالم، راجيًا أن يقدّس ذاته، لا بل أن يقدّسه المسيح عبر اتّحاده بالله الأب القدّوس الأعظم.  

لم تكن الصّحراء برمالها هي الّتي قدّست أنطونيوس الكبير، إنّما اختياره المسيح وكرهه للخطيئة وما نتج منهما من أسلوب حياة. إنّنا اليوم، لاسيّما في لبنان، لا نحتاج إلى الذّهاب للصّحراء، لأنّها أتت إلينا، فالتّعب والوجع والشّقاء والدّموع وقسوة الحياة والجفاف الإنسانيّ والرّوحيّ والعمليّ تملؤنا فراغًا ونقمة واستسلامًا، ويقول البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني إنّ مشكلة عالمنا اليوم هي أنّه لم يعد يشعر بالخطيئة.

إنّ رسالة القدّيس الكبير لنا في عيده أن نكره الخطيئة ونرفضها في حياتنا، فمتى أحببنا المسيح نرى كم هي فارغة الحياة من دونه، فلا تحزنوا من الوضع الّذي نعيشه، بل لنشكر الله على هذه الصّحراء الّتي نمرّ بها علّها تكون لنا فرصة للعودة إلى الذّات والتّخلّي عن مسرّات الدّنيا ونترك الخطيىئة سعيًا إلى القداسة من خلال الصّبر والصّلاة والتّسليم بالاتّكال على سعي الله والاتّحاد به.  

مهما كانت الصّحراء الّتي نعيش فيها قاسية وشعورنا بجفاف الدّنيا، سنقدّس الزّمان والمكان فينا. سنقدّس صحراءنا، ولن نترك للظّروف الثّانية أن تفرض الموت علينا، بل سنحوّلها إلى حياة في المسيح لخلاص نفوسنا وخلاص إخوتنا ووطننا".