أستراليا
05 نيسان 2016, 09:02

احتفال في سيدني بعيد البشارة وكلمات نددت بالأعمال الارهابية المستهدفة الأبرياء حول العالم

نظم المركز الماروني للدراسات في سيدني احتفالا، بعنوان "لقاء الأديان" لمناسبة عيد البشارة، تكريما لمريم العذراء والصلاة من أجل السلام، في الجامعة الاسترالية الكاثوليكية - ستراثفيلد، برعاية راعي أبرشية استراليا المارونية المطران انطوان شربل طربيه، بالتعاون مع المرجعيات الروحية الاسلامية والمسيحية المحلية

حضر الاحتفال راعي ابرشية الملكيين الكاثوليك رئيس مجلس أساقفة وممثلي كنائس الشرق الاوسط في استراليا المطران روبير رباط، الشيخ مالك زيدان ممثلا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، قنصل لبنان في سيدني جورج بيطار غانم، عميد كلية اللاهوت والفلسفة في الجامعة الاسترالية الكاثوليكية دورمت ناستر، منسق مركز العلاقات المسيحية الاسلامية في الجامعة الاسترالية الكاثوليكية الأب باتريك مكينرني، ممثل مشيخة العقل الشيخ ملحم عساف، عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل" محمد مراد، النائب الأسقفي الماروني العام في استراليا المونسنيور مرسيللينو يوسف وفاعليات.

تخلل الاحتفال تلاوة نص البشارة من الانجيل المقدس ألقاها الأب رومانوس البابا ممثلا متروبوليت الروم الارثوذكس بولس صليبا وآيات من القرآن تلاها الشيخ خالد زريقة بالاضافة الى تراتيل للسيدة العذراء رنمتها نوال خطار ورافقها على الناي الأب طوني طحان.


والقى المطران طربيه، كلمة قال فيها:"ان لقاءنا اليوم هو نتيجة الارادة الطيبة والعمل الدؤوب لمجموعة من الأفراد اللبنانيين الذين اخذوا المبادرة عام 2010 للدفع نحو اقرار عيد البشارة، عيدا وطنيا ورسميا في لبنان. ان هذا العيد الجامع بين المسيحيين والمسلمين يشكل مثالا للبنان الرسالة كما وصفه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، وذلك لأننا شعب نؤمن بالله، الرحوم والمحب للبشر، ولأننا نسعى دائما للتقدم معا والعمل معا لنشر ثقافة السلام والتسامح والعيش المشترك بين كل الشعوب وخاصة بين المسيحية والاسلام".

أضاف:"على الرغم من التباينات العديدة بين الديانتين المسيحية والاسلام، فاننا نلتقي في عيد البشارة على رفض الخلافات الاجتماعية والسياسية وعلى ضرورة ازالة الحواجز التي تعيق الحوار أينما وجدت. كذلك فاننا ننبذ وندين جميع أشكال الارهاب والتطرف والعدائية وندعو الى حل النزاعات بالطرق السلمية وعبر الحوار، لأنه السبيل الوحيد لبناء مستقبل أفضل"، لافتا الى "ان التسامح وقبول الآخر هما الطريق للعيش معا وللاسهام باتجاه ازدهار وبناء المجتمع الاسترالي التعددي، الكريم والغني والمضياف".

وتابع:"اذا تأملنا بمعاني عيد البشارة والخبر السار الذي حمله الملاك جبرائيل الى العذراء مريم، وبالتالي بال "نعم" غير المشروطة التي استسلمت بها لمشيئة الرب في حياتها، فإننا نجد مثالا أبديا عن الطاعة للرب ولكلمته المقدسة. ومن مريم العذراء نتعلم كيفية تخطي المخاوف والاستسلام لمشيئة الرب لبناء روابط بين مختلف الجماعات في المجتمع الواحد. كان لمريم الثقة بالرب والايمان بمشيئته ونحن مدعوون أن نتمثل بمريم لتخطي الخوف وتجاوز الخلافات والانشقاقات".

وقال:"ادعو المسيحيين الى خلق المزيد من فرص التلاقي والحوار، كما أدعو أخواننا وأخواتنا المسلمين الى أن يبنوا المزيد من جسور التقارب بين مختلف الجماعات. ولا يمكن الاحتفال بعيد البشارة من دون التطرق الى دور المرأة في مجتمعاتنا اليوم وأدعوكم في هذا الاطار الى التفكير سوية بكيفية اعطاء المرأة دورا أكبر في جماعاتنا المؤمنة، سيما وأنها تلعب دورا أساسيا في تربية وتعليم الأجيال الجديدة. فلنثبت ثقتنا بها وبالنعم التي أعطاها الله إياها، فدورها، المكمل لدور الرجل، أساسي لبناء عائلات قوية وبالتالي مجتمعات وشعوب أقوى".

وختم طربيه قائلا:"لقد أسسنا لجنة مشتركة للاهتمام بتنظيم هذا اللقاء السنوي بالتشاور مع أصحاب السيادة والسماحة وأود أن أشكر اعضاء هذه اللجنة وكل من ساعدهم على تنظيم لقائنا اليوم كما أتوجه بالشكر للجامعة الأسترالية الكاثوليكية على استضافتها لنا ونصلي للعذراء مريم أن تبارك لقاءنا ووحدتنا في هذا العيد المبارك وأن تقربنا أكثر من بعضنا البعض وتقوي ايماننا بمحبة ورحمة الرب الهنا".


ثم ألقى الشيخ مالك زيدان كلمة قال فيها:" لقد كرم القرآن الكريم والاسلام مريم، هذه المرأة الشريفة التي برأها الله مما اتهمها به الحاقدون. مريم طهرت قبل مجيئها وهي في بطن أمها، يوم نذرت أمها نذرا أنه لو رزقها الله ولدا فهو سيخدم بيت المقدس وأرض العبادة. إلا أن الله رزقها بنتا وهو يدرك أنها ستكون طاهرة وقد كانت معجزة إلهية حين ولدت مريم عيسى من دون زواج بل بأمر من الله وهو القادر المقتدر. لقد ذكرت مريم 34 مرة في القرآن الكريم ولها سورة خاصة بها مع التركيز على أن القرآن لم يذكر امرأة واحدة باسمها إلا مريم، فالاسلام أعطاها ما لم يعط لأي امرأة أخرى وقد اعتبرها سيدة من سيدات أهل الجنة".

وأوضح "حين نذكر مريم في رسالة المحبة والأمانة والأخوة فإننا وأخواننا المسيحيين يدا بيد ونحن وإياهم في فكر واحد. تعاملنا مع بعضنا البعض واحد ونحن اوفياء وأصدقاء في ما بيننا ومن يسعى الى فصل هذا الحب وهذا التعاطف فلا نقبله"، معتبرا "ان ديننا دين رحمة والله هو الرحمان الرحيم، فالرحمة في قلوبنا ومن يسعون تطرفا وارهابا وفكرا رجعيا فهم ضد الاسلام ونحن أول من أصبنا. نحن ضد الارهاب والتطرف. كلمة واحدة نلتقي بها بالمحبة والأمان وأمامنا أجيال ومستقبل يجب المحافظة عليهما. كذلك نلتقي مع اخواننا الاستراليين وأملنا بالله أن نرى السلام يرفرف على وطننا لبنان وان نرى رأسا له ليجنب الأوطان الخراب والدمار".

ثم تحدث حسين الحاج باسم الشيخ كامل مسلماني، فاعتبر انه "كلما ذكر اسم عيسى أو المسيح، يتبادر الى الذهن سر ارتباطه وصلته وكلما ذكر اسم مريم يتبادر الى الذهن عظمتها وعفتها وطهارتها، وكلما ذكرت ولادته كانت البشارة أو البشرى هي الكلمة الانسب للتعبير عن الاخبار من الله بولادته".

وقال:"فالبشارات في القرآن كثيرة كما في الكتب السماوية المقدسة ولكن لهذه البشارة خصوصية ومنزلة رفيعة فالمبشرة اصطفاها الله مرتين:أما الأولى فاصطفاها أي اختارها دون سائر النساء لذرية الانبياء، واما الثانية فحملها بالمسيح عليه السلام من غير زوج، فاصطفاها بذلك على نساء العالمين".

وتابع:"هذا هو معبودنا وهذه هي آياته المباركة، لا تحمل للناس الا البشرى والرحمة والمحبة والطمأنينة والسلام وما عدا ذلك ليس من الله في شيء. وما نشهده اليوم من قتل للنفس المحترمة ليس من الله في شيء، بل هو من عمل الشيطان عدو الله".

اضاف:"ان هذه المناسبة غايتها احداث صدمة تغيير في محيطنا المتعدد الانتماءات. عندما نتحدث عن مريم، نتحدث عن نموذج انساني وانثوي يشكل الكمال للتاريخ البشري وهي سيدة نساء العالمين. نتحدث عن نموذج كامل ومتكامل وهي جمعتنا اليوم لنكون من خلالها الرقي الانساني والرقي الى مستوى الكمال. نجتمع اليوم لنقول ان مريم استطاعت ان تغني التنوع وتؤثر بالتكامل".

وقال:"أما في مشروعنا السياسي كنا وما زلنا نؤمن أن يكون الحوار على اساس التكامل من اجل لبنان القوي المحصن ولبنان الرسالة لكل المجتمعات البشرية. هناك تساؤلات محقة كيف يمكن أن نحمي الوطن ونصون البلد والانسان؟ اننا نحفظه من خلال العودة الى الانجيل والقرآن ونعيش الوحدة والالفة والمحبة والشراكة والتعاضد والتعاون. ونحن هنا اليوم لنقول ليست الحرب على الشيعة والسنة والمسيحيين، بل ان الحرب على هؤلاء جميعا لأنه من لم يكن داعشيا او تكفيريا فهو كافر بعقيدة هؤلاء".


بدوره، قال المطران روبير رباط:"في القرآن الكريم نقرأ (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء)، فمنذ أن رددت هذه الكلمات منذ حوالي 1400 سنة، ورجال الدين والعلم المسلمون والمسيحيون يسعون التوصل الى اكتشاف كلمة السواء هذه. وفي هذاالاطار، نجد أنه وعلى مر التاريخ كان هناك العديد من الاجتهادات والتفسيرات لهذا المسعى إلا أن أيا منها لم يتوصل الى الهدف المنشود وكأن السماوات لم تكن جاهزة بعد لكشف ما تخبئه لنا، الى أن وصلنا الى العام 2010 وتحديدا يوم 18 شباط منه".

وتابع:"في هذا التاريخ، أقرت الحكومة اللبنانية يوم 25 آذار، عيد البشارة، عيدا وطنيا اسلاميا مسيحيا، الأمر الذي لم يسبق أن حصل في تاريخ العلاقات المسيحية الاسلامية. وهذا القرار كان حسم بعد يومين، في اللقاء الذي جمع البابا بنديكتوس الخامس عشر مع رئيس الحكومة اللبنانية المسلم السني في الفاتيكان. وتبقى تفاصيل اللقاء وما جرى في الكواليس للتاريخ إلا أنني على ثقة بأن الملاك جبرائيل قد أرسل الى الأرض مرة ثانية في مهمة جديدة، بعد مرور ألفين سنة على مهمتها الأولى، ليقود ويرشد اللاهوتيين اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، في اعادة قراءة الكتب المقدسة وفهمها... فكان النور".

واضاف:"ان الكلمة الجامعة التي ابتغاها أباؤنا هي السيدة العذراء، هذه المرأة الشرقية التي اختارها الرب من بين كل النساء. هذا ما اكتشفه اللبنانيون منذ ست سنوات وهذا ما ندعو العالم كله الى اكتشافه أيضا. فالعذراء مريم بقبولها لمشيئة الرب، قدمت للبشرية جمعاء فرصة التلاقي من أجل السلام. وهي جسدت بتواضعها وولادة جنينها العجائبية هذه الكلمة المشتركة".

وختم رباط:"يقول الفيلسوف أفلاطون:ان من يسردون القصص، يحكمون العالم. منذ 5000 سنة اكتشف أجداداللبنانيون، الفينيقيون، الحرف وصدروه الى العالم لكي تحكى القصص. واليوم يصدر أحفادهم قصة جديدة الى العالم، قصة عيد البشارة التي توحد الانسانية جمعاء في وقت يبدو فيه وكأن العنف هو اللغة الوحيدة بين الاسلام والعالم المدني. وأستراليا، هذه الأرض المباركة، الغنية بتعدد وتنوع ثقافة مجتمعها، تقدم لنا فرصة نادرة لنخبر هذه الحكاية، حكاية عيد البشارة، لمجتمعها ومنه للعالم، فلنتلقف اذا هذه الفرصة ونكمل ما ابتدأناه سوية الليلة".