الفاتيكان
16 كانون الثاني 2024, 08:50

إلى من وجّه البابا فرنسيس الدّعوة "للسّير معًا خلف يسوع"؟

تيلي لوميار/ نورسات
متذكّرًا "جماعة البدايات" أيّ التّلاميذ الأوائل الّذين أصبحوا فيما بعد رسلاً والّذين كانوا مختلفين تمامًا وإنّما متّحدين في محبّة يسوع من خلال الرّوح القدس، حيّا البابا فرنسيس طلّال اللّجنة الكاثوليكيّة للتّعاون الثّقافيّ مع الكنائس الأرثوذكسيّة والكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة خلال استقبالهم في الفاتيكان لمناسبة الذّكرى السّنويّة السّتّين لتأسيس اللّجنة.

وألقى الأب الأقدس للمناسبة كلمة على مسامعهم قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"بفضل الدّعم المستمرّ والسّخيّ للمحسنين، الّذين أودّ أن أعرب لهم عن امتناني العميق، تقدّم لجنتكم الفرصة لطلّاب من الكنائس الأرثوذكسيّة والأرثوذكسيّة الشّرقيّة لكي يكملوا تعليمهم في المعاهد الأكاديميّة الكاثوليكيّة، لكي يعودوا بعدها إلى جماعاتهم ويضعوا في متناولها المهارات الّتي اكتسبوها. وبهذه الطّريقة، أنتم تقومون، باسم الكنيسة الكاثوليكيّة جمعاء، بخدمة ملموسة ونزيهة لصالح كنائس الشّرق الشّقيقة، وتساهمون في إعداد الإكليروس والعلمانيّين الّذين، بفضل دراستهم، سيكونون قادرين على خدمة رسالة جسد المسيح الواحد.

لذلك، أودّ أن أعرب عن الامتنان للمشاركين في مسيرة المحبّة هذه للكنيسة، وبشكل خاصّ لمسؤولي دائرة تعزيز وحدة المسيحيّين، الّذين تمارس اللّجنة نشاطها تحت إشرافهم، ولرؤساء المعاهد الكنسيّة الّتي تستضيف طلّاب المنح الدّراسيّة، على روح الانفتاح والرّعاية الّتي يستقبلوهم بها ويرافقونهم. بهذه الطّريقة، إلى جانب المسار الأكاديميّ، يمكنكم أن تتعرّفوا شخصيًّا على مسار التّنشئة الرّوحيّ واللّيتورجيّ للطّلّاب الكاثوليك الشّباب، ولاسيّما، أن تتقاسموا معهم خبرة الحياة الجماعيّة في المعاهد الكنسيّة. إنّ هذا الاتّصال المباشر والحيويّ مع الجماعات الملموسة، الّتي تختبرون فيها الرّغبة عينها في اتّباع المعلّم الأوحد، الرّبّ يسوع المسيح، وفي خدمة كنيسته، لا يساعد الطّلّاب الأرثوذكس والأرثوذكس الشّرقيّين فحسب، بل أيضًا الطّلّاب الكاثوليك، لكي يتخطّوا الأحكام المسبقة. ويكسروا الحواجز ويبنوا جسور الحوار والصّداقة.

هذا أمر مهمّ جدًّا ويجعلني أفكّر في جماعة البدايات، وأولئك التّلاميذ الأوائل الّذين أصبحوا فيما بعد رسلًا، والّذين تقوم عليهم تقاليدنا. إذا نظرنا إليهم، نرى أنّهم كانوا مختلفين تمامًا: هناك من كان من تلاميذ المعمدان، ومن كان من الغيورين، ومن كان صيّاد سمك ومن كان عشّارًا؛ كم من الاختلافات في الأصل والطّبع والتّجانس! ومع ذلك فمن الصّعب أن نفكّر في مجموعة أكثر اتّحادًا منهم. لقد وجدوا تماسكهم في يسوع: وإذ ساروا خلفه، ساروا معًا ومع بعضهم البعض. وما عزّز هذه الوحدة في المحبّة هو الرّوح القدس، الّذي أرسلهم إلى كلّ مكان، وربطهم أكثر ببعضهم البعض.

أيّها الأحبّاء، هذا هو الدّرب لكم أيضًا: السّير معًا خلف يسوع، يحركّكم الرّوح عينُه. إنّها فرصة عظيمة هنا في روما، أن تشاركوا مع بعضكم البعض أثناء دراستكم، من هو المسيح بالنّسبة لكم: أين التقيتم به، وكيف خلب قلوبكم، وكيف استولى على حياتكم، ووفقًا لأيّ تقاليد تسبِّحوه وتعترفون به ربًّا لكم. إذا كان هناك في الأساس مشاركة أخويّة لهذه الخبرة، أعتقد أنّ قصصنا الماضية، الموصومة بالأخطاء وسوء الفهم، وبالخطايا والصّور النّمطيّة، يمكنها أن تُشفى تدريجيًّا، بقدر ما يتمُّ فهمها مجدّدًا في قصّة أكبر بكثير، قصّة الأمانة للمسيح الّذي "أحبّ الكنيسة وجاد بنفسه من أجلها". هذا هو رجائي: أن تكون هذه السّنوات، لمدح الرّبّ ومجده، من خلال الاستقبال والاحترام الأخويّ والإصغاء والمشاركة، نبوءة محبّة وبذار وحدة، لخير جميع المسيحيّين في العالم، للعالم نفسه، الّذي يحتاج إلى أن يرى تفتُّحَ بذور جديدة للسّلام والشّركة.

أشكركم على زيارتكم وآمل أن تتابعوا دراساتكم بشكل مثمر، بدون أن تهملوا الأبعاد الرّوحيّة والرّعويّة الضّروريّة للتّنشئة. أؤكّد لكم صلاتي وأطلب منكم أن تصلّوا من أجلي."