متفرّقات
22 نيسان 2022, 10:52

إفتتاح المتحف الفينيقي في جونيه

الوكالة الوطنيّة للإعلام
شدّد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على أنّ "الوطن الذي استطاع أن يكون مصهرًا للثقافات ومنشئًا للحضارات، يحزن اليوم كثيرًا إذا رأى أبناءه أو بعضًا منهم يتغنون بماضيه ويهملون مستقبلَه، حين يطلقون دعاوات لا تساعد على تحقيق الوحدة بين المواطنين."

وقال: "لم يعبر الفينيقيون البحر أشخاصا فرادى، بل تشابكت زنود رجالهم من المدن البحرية كلِّها، وهم يخبطون الموج بالمجاذيف والريح بالأشرعة، في أساطيل على مد النظر، هكذا متحدين، غلبوا بالقوة الصعاب واقتحموا البحر وأنشأوا لهم مرافئ ومدائن في المقلب الآخر منه وهكذا نحن، بالاتحاد فيما بيننا، وبالقوة التي لنا، نكون جديرين بهذا الوطن وفخورين بتركه لأولادنا سيّدًا حرًّا مستقلًا". 
كلام المرتضى جاء خلال افتتاحه المتحف الفينيقي في جونية، في حضور وزير السياحة وليد نصار، رئيس بلدية جونية جوان حبيش واعضاء المجلس البلدي وحشد من الفاعليات والشخصيات والهيئات السياسية والثقافية والاجتماعية .
واستهل وزير الثقافة كلمته، مشيرًا إلى ما كتبه الشاعر الياس أبو شبكة عن مصير فينيقيا: قال الياس أبو شبكة:
فينيقيا ومجدها المشيد            وملكها المعظم المؤيد
أمست بقايا وطن مدمر        من بعد عز شامخ منور
قائمة كالطلل المهجور     على بقايا شاطئ من صور.


وتابع: "اليوم ههنا، على مهب نسمة من حيث يرقد شاعر لبنان الكبير، الذي تنطق أبياته هذه بالألم على مصير فينيقيا، نطمئن الأجيال اللبنانيةَ القادمةَ، إلى أن ميراث تلك الحضارة العريقة التي صنعها أجدادنا الأقدمون، لن يبقى أطلالا على شواطئ مهجورة، بل سيصبح من الآن فصاعدا نزيل المتحف الفينيقي الذي نحتفل بإنشائه في بلدية جونية".

واستطرد: "لكن، مهلا. إن ميراثا كالذي تركته فينيقيا لا تحتويه عصور، فكيف لمتحف أن يحتويه؟ يكفي أن واحدا من إنجازاتها يسكن الآن على كل لسان بشري، وفي كل قطرة حبر وسطر كتاب. إنه الحرف اختراعهم الأبدع، ولو أنهم لم يقدموا للتراث الإنساني غير هذا الاختراع العظيم، لظلوا بحق وجدارة يتبوأون مركزا مرموقا في تاريخ الفكر البشري". 

وأضاف: "هم بالحقيقة قدموا الكثير للحضارة بمظهريها المادي والروحي. ورغم أنهم لم يقيموا دولة مركزية موحدة السلطات، فإن سلطانهم التجاري انبسط على أمواج البحر المتوسط، وجاوزها عبر أعمدة هرقل، (أي مضيق جبل طارق) إلى بحر الظلمات (أي المحيط الأطلسي)، وفي دراسات أنهم وصلوا إلى البرازيل، وعرفوا أميركا قبل كريستوف كولومبس بعدة قرون".

ولفت  وزير الثقافة إلى أنّ "هذا التاريخ المترامي الحضور صفحة من تاريخ لبنان، نعتز به وننتمي إليه، ويسكن حمض خلايانا، تماما كسائر الصفحات التي تشكل مجتمعة هذا المزيج الحضاري الذي أصبحنا إليه اليوم، والذي عبر عنه المؤرخ فيليب حتي خير تعبير حين كتب: "لا جدال في أن لبنان يستطيع أن يفخر على أية قطعة جغرافية، مساحتها مساحته، ليس بعدد الحوادث الجسام التي جرت على أرضه وحسب، بل يستطيع أن يباهي بمعنى هذه الحوادث وقيمتها وأهميتها العالمية... فهو بلد كوني لأن تاريخه في الواقع جزء من تاريخ عالمنا المتحضر". 

وأردف: "الوطن الذي استطاع أن يكون مصهرا للثقافات ومنشئا للحضارات، يحزن اليوم كثيرا إذا رأى أبناؤه أو بعض منهم يتغنون بماضيه ويهملون مستقبله، حين يطلقون دعاوات لا تساعد على تحقيق الوحدة بين المواطنين".

وختم المرتضى كلامه مؤكدا أهمية التعاضد والوحدة "لم يعبر الفينيقيون البحر أشخاصا فرادى، بل تشابكت زنود رجالهم من المدن البحرية كلِّها، وهم يخبطون الموج بالمجاذيف والريح بالأشرعة، في أساطيل على مد النظر.هكذا متحدين، غلبوا بالقوة الصعاب واقتحموا البحر وأنشأوا لهم مرافئ ومدائن في المقلب الآخر منه. وهكذا نحن، بالاتحاد فيما بيننا، وبالقوة التي لنا، نكون جديرين بهذا الوطن وفخورين بتركه لأولادنا سيدا حرا مستقلا".