دينيّة
08 حزيران 2024, 07:00

إستنارة الأعمى

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب بولس جبّور

 

"في الأحد الأخير من زمن الفصح، يظهر الرب يسوع في حادثة شفاء الأعمى منذ مولده في إنجيل يوحنا (يوحنا9) أنّه النور الحقيقيّ. هو الذي يعطي النور، ويفتح البصيرة الداخليّة ليتعرّف المؤمنون على أسرار الله. عدم الاعتراف به هو العمى الحقيقيّ. العمى أن لا نكتشف عمانا الروحي وخطايانا، أن نكون في غربة عن الواقع. 

إنسان وُلد أعمى، هو حيّ ميت، يعيش في ظلمة الحياة على هامش المجتمع. ظلمته مزدوجة، جسديّة حسّيّة منذ مولده، وعقليّة روحيّة بسبب عزلته وتهميشه. عندما رأى التلاميذ حاله انزعجوا وعجزوا بسبب ضُعفهم البشري عن فهم ما جرى، فنسبوا سبب ذلك، إمّا إلى خطيئة الأبوين، أو إلى الأعمى نفسه. مرضه، عماه منذ مولده، لم يكن شرًّا، ولا سببه شرٌّ إرتكبه هو أو أبواه. جنى الأعمى نفعًا من عماه، إذ شُفيت بصيرته الداخليّة. أمّا اليهود المبصرون، فلم تنفعهم عيونهم، واستأهلوا عقابًا شديدًا. كُفّ بصرهم بعد أن كانوا يبصرون.

آلام الحياة الحاضرة ليست شرورًا. الخطيئة فقط هي الشرّ. الظلمة ظلمةالمعرفة والسلوك والأخلاق، الظلمة ظلمة الخطيئة. نتأفف كثيرًا من أحداثٍ نجهل أسبابها، ولكنّنا نتعلّم أنّ ما من شيء يحدث باطلًا. حياتنا ههنا، الوقت ليس وقت التفحّص ولا التفلسف، بل وقت الجهد الدؤّوب. يليق بنا إتمام وصايا الله.

في البدء، كان على وجه كل شيء ظلام. "قال الله ليكن نورٌ فكان النور" (تكوين 1: 3). في شفاء الأعمى، جعل يسوع من تفاله طينًا وأكمل ما كان ناقصًا. أكمل بيده ما كان ناقصًا في الطّبيعة البشريّة. خلق بكلمة، وشفى آخرين بكلمة، لكنّه منح الأعمى البصر بفعل لا بكلمة. بذلك، أظهر لنا أن يده هي يد الله نفسها التي جبلت الإنسان في البدء. يد الله التي جبلتنا، تطلبنا نحن الضالين وتكمل ما نقص فينا. من الظلمة يولد النور. 

الأعمى هو النسل البشريّ كلّه. وبعد أن سقطت البشريّة في الخطيئة، كان لا بد من غسل إعادة الولادة. من يلمسه يسوع، النّور الإلهيّ، يحظى بما هو أكثر من مجرّد البصر. من يطلب أن يغسله المسيح يُبصر."