إرث البابا بيوس الثاني عشر يعيش بعد 66 عامًا من وفاته
في عام 1939، تمّ انتخاب خليفة القدّيس بطرس رقم 260. لن يواجه هذا الرجل فقط تحدّي قيادة الكنيسة، ولكن أيضًا أهوال الحرب العالميّة الثانية. وسوف يتمّ تذكّر مواقفه لعقود. كان هذا الرجل، البابا بيوس الثاني عشر.
ولد أوجينيو باتشيلي في روما في 2 آذار/مارس 1876. في سنّ 23، رسم كاهنًا وبدأ عمله في ما سيصير مهنة طويلة في الفاتيكان. عمل باتشيلي ككاتبٍ في أمانة الدولة، ثمّ كسفير بابويّ في ألمانيا، حيث توسّط في اتّفاقيّات بين بافاريا وبروسيا.
في عام 1929، جعله البابا بيوس الحادي عشر كاردينالًا. بعد 10 سنوات، وفي اجتماع سرّيّ قصير ليوم واحد، تمّ انتخاب باتشيلي بابا وهو اختار اسم بيوس الثاني عشر.
إندلعت الحرب العالميّة الثانية بعد ستّة أشهر من بدء البابا بيوس الثاني عشر خبريّته التي استمرّت 19 عامًا. إستخدم خلفيّته الدبلوماسيّة للردّ على العنف ونشر رسالته العامّة الأولى، "Summi Pontificatus" ، والتي دعت إلى الصلاة من أجل إنهاء الحرب. كانت هذه مجرّد بداية مهمّته لصالح السلام في خلال الحرب العالميّة.
قال الدكتور مايكل هيسمان، المؤرّخ الألمانيّ إنّ البابا بيوس الثاني عشر "فعل لإنقاذ اليهود ووقف عمليّات القتل، أكثر من أي سياسيّ أو قائدٍ دينيّ في عصره". منذ عام 2009، درس الدكتور هيسمان أرشيف الفاتيكان ودحض فكرة أنّ البابا ظلّ صامتًا وغير متدخّل. بدلًا من ذلك، تحدّث البابا بيوس الثاني عشر عن معاملة اليهود في ثلاثة خطابات عامّة. في عام 1939، قدّم التماسًا للحصول على 20000 تأشيرة لليهود الألمان للهروب من النازيّين لكنّه لم يتلقَّ سوى أقلّ من 10000.
وطوال حرب السنوات الستّ، عمل البابا سرًّا لحماية الشعب اليهوديّ. لقد فهم أنّ التحدّث علنًا ضدّ النازيّين يمكن أن يؤدّي إلى مزيد من العنف والاضطهاد. وقال: "كلّ كلمة وجّهناها إلى السلطات المسؤولة وكلّ تصريح من تصريحاتنا العامّة، كان لا بّد من وزنه بجدّيّة والنظر فيه لصالح المضطهَدين أنفسهم حتّى لا نجعل وضعهم، عن غير قصد، أكثر صعوبة وغير محمتَل".
ألقى البابا بيوس الثاني عشر الذي استخدم الراديو، ما يقرب من 200 خطاب إذاعيّ بلغات مختلفة للتحدّث علنًا ضدّ العنف ولصالح تعزيز السلام. بالإضافة إلى ذلك، كتب عددًا من الوثائق، بما في ذلك 41 رسالة عامّة.
وفي لقاء خاصّ، في الفاتيكان، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1945، شكر 80 مندوبًا من معسكرات الاعتقال الألمانيّة، شخصيًّا، البابا بيوس الثاني عشر على كلماته وأفعاله في خلال النظام النازيّ.
في عام 2020، فتح البابا فرنسيس أرشيفًا للوثائق المتعلّقة بالبابا بيوس الثاني عشر وعلاقاته مع الشعب اليهوديّ إبّان الحرب العالميّة الثانية. نتيجة لذلك، تمّ الكشف عن عمل هذا البابا "الصامت". 16 مليون صفحة تروي الفترة الصعبة من تاريخ العالم. تكشف هذه الوثائق أنّ أكثر من 4200 يهوديّ كانوا مختبئين في الأديرة و 160 في مدينة الفاتيكان. بفضل البابا بيوس الثاني عشر وأعضاء الكنيسة الآخرين، نجا 80٪ من اليهود في روما من الاحتلال النازيّ - أكثر من أي مكان آخر.