لبنان
09 أيلول 2021, 11:50

إتحاد أورا يدين الاستخفاف بخطورة المرحلة والمتاجرة بمصير الوطن والشّعب: بقاء لبنان بصيغته الحضاريّة مسؤوليّة القيادات المسيحيّة أوّلاً

تيلي لوميار/ نورسات
تعليقًا على الواقع وخطورة المرحلة، أصدر اتّحاد أورا البيان التّالي:

"ينظر اتّحاد أورا (الّذي يضمّ الجمعيّات الأربع: الإتّحاد الكاثوليكيّ العالميّ للصّحافة- لبنان (أوسيب لبنان)، لابورا، أصدقاء الجامعة اللّبنانيّة (أوليب)، ونبض الشّباب (GroAct)) بقلق وحزن عارمين إلى تدنّي مستوى الخطاب السّياسيّ، وبخاصّة بين القيادات المسيحيّة، في الظّرف الخطير الرّاهن، الّذي يتطلّب أقصى درجات الوعي والحسّ بالمسؤوليّة تجاه الوطن الّذي أصبح مهدّدًا بالزّوال، وتجاه الشّعب الّذي بات يفتقر إلى أبسط مقوّمات العيش.

إنّ الوضع الّذي نعيشه أكثر من خطير، ولكنّ الأخطر منه بعد، هو تعاطي المسؤولين معه، ومع بعضهم البعض، حتّى أصبحنا وكأنّنا نهوى الدّمار الذّاتيّ، ولسنا بحاجة لأعداء من الخارج،  فننفّذ ما يطلبه العدوّ دون طلب.

إنّه الصّراع الدّائم على السّلطة يبيح المحظورات ويتخطّى الخطوط الحمر الواجب الوقوف عندها حفاظًا على ما بقي لنا، وتأسيسًا لمستقبل أفضل لشبابنا والإنسان في وطننا.

نتغنّى بالحرّيّة ونسيء استعمالها، نتباهى بالرّقيّ والتّطوّر ونتصرّف بغرائزيّة وأنانيّة، نحاضر بالدّيمقراطيّة ولا نقبل الحوار والرّأي الآخر، نزايد بالعلم والمعرفة ونناقش بالسّخافات وبالحجج المعلّبة، من دون وقائع ومعطيات ...

كفى... فلم يبق من السّياسة والعاملين فيها والمستتبعين لزعمائها إلّا الفراغ المليء بالموتورين والمهووسين والحاقدين .

أين العقل؟ أين الحسّ بالمسؤوليّة؟ أين الوعي؟ أين الرّسالة المسيحيّة؟ أين الشّهادة للحقّ والحقيقة؟ أين نحن من تعاليم السّيّد المسيح؟ وأين خبرة التّجارب السّابقة المريرة الّتي أوصلتنا إلّا ما نحن عليه الآن؟! وكأنّ سياسيّينا باعوا المسيح والمسيحيّين بثلاثين من الفضّة، وامتهنوا التّآمر الدّائم، والتّعامل مع مؤامرات الخارج دون رحمة أو خوف أو رادع. والله كفى وألف كفى، اتركوا لنا يومًا أبيض من تاريخكم نذكركم فيه، وكفى أن تسمّموا عقول الشّباب وألسنتهم بسمومكم حتّى أصبحوا بغالبيّتهم تابعين، شتّامين باسمكم على مواقع التّواصل الاجتماعيّ...

نطلق صرختنا هذه علّها تردع من يستسهل تأسيس الحروب الدّاخليّة وقتل المستقبل وتهجير الطّاقات،  

ونستحلف القيادات المسيحيّة في لبنان من أجل وضع خلافاتهم الشّخصيّة والسّياسيّة جانبًا من أجل قضيّة أسمى هي قضيّة الوجود المسيحيّ المشرقيّ بالذّات، الممتدّ من لبنان إلى أفغانستان. وذلك في ظلّ تصاعد الأصوليّات الدّينيّة الإرهابيّة المعروفة الّتي لا تعترف بالآخر المختلف حضاريًّا ودينيًّا، بين غرب مادّيّ استعماريّ وشرق منغلق ومتعصّب، متنكّر لكلّ حقّ إنسانيّ.  

وبناء على ما تقدّم نؤكّد على التّالي:  

1- حان الوقت لكي تدرك الرّموز السّياسيّة المسيحيّة خطورة استمرار الانجرار وراء الأنظمة والأحزاب الّتي تناقض مبادؤها واستراتيجيّاتها فلسفة التّعايش الوطنيّ اللّبنانيّ القائم على احترام الآخر المختلف دينيًّا وطائفيًّا، في وطن أراده أهله الأصيلون وطن رسالة، ونموذجًا للتّعايش مع الآخر المختلف للعالم أجمع.

2- تقع حاليذًا أكثر من وقت آخر على عاتق القيادات المسيحيّة قبل أيّ طرف أو تيّار سياسيّ آخر،  مسؤوليّة بقاء لبنان بصيغته الحضاريّة أو زواله. لذلك نستحلفهم التّفكير مليًّا بخطورة الأوضاع الرّاهنة من أجل وضع خلافاتهم السّياسيّة والانتخابيّة والحزبيّة والعائليّة والمناطقيّة جانبًا، وذلك في موقف تاريخيّ مصيريّ، للتّلاقي والحوار الجدّيّ ووحدة المصير من أجل الحفاظ على بقيّة باقية من الوجود في ظلّ موجة ضياع وتهجير، تؤكّد المعطيات على الأرض أنّها واحدة من أعتى الموجات الّتي مرّ بها لبنان والوجود المسيحيّ في الشّرق.

3- ندعو كلّ الخيّرين بسرعة وإلحاح إلى التّكاتف والتّضامن لمحاربة أعداء الدّاخل وتصويب البوصلة نحو مجتمع واع مثقّف ورؤيويّ، يميّز بين الحقّ والباطل وبين ما يفيد مستقبل وطننا وما يضرّه، ولا يراهن على مسؤول نظيف فحسب، بل على محاسبة مسؤولة، تقاضي الكبير والصّغير دون أيّ اعتبارات أو تدخّلات من أيّ جهة أتت.

4- نجدّد الثّقة والإيمان بأنّ لبنان الرّسالة سيعود إلى الحياة بفضل وعي أبنائه الحقيقيّين من كلّ الطّوائف والمناطق، وذلك عندما يعود الوعي إلى القيادات المسيحيّة أوّلاً في مختلف الأحزاب والتّيّارات والمناطق. عندها تتهاوى كلّ الشّعارات والأيديولوجيّات الغريبة المستوحاة من خارج الحدود، فيعود لبنان إلى جميع أبنائه ونرتقي جميعًا إلى مستوى لبنان الرّسالة الّذي نتغنّى به."