لبنان
06 كانون الثاني 2023, 11:20

إبراهيم: نطلب من الله اليوم أن يعطينا نعمة التّواضع

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد الظّهور الإلهيّ، ترأّس راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم عشيّة العيد صلاة الغروب واللّيتورجية الإلهيّة وتبريك القرابين ورتبة تبريك المياه في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة، بمشاركة النّائب الأسقفيّ العام الأرشمندريت نقولا حكيم والآباء: طوني رزق، الياس ابراهيم، ادمون بخاش وشربل راشد. بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى ابراهيم عظة تحدث فيها عن معاني الظّهور الإلهيّ وقال بحسب إعلام الأبرشيّة:

" نحتفل اليوم بعيد الظّهور الإلهيّ وهذا يعني أنّ الله الثّالوث في مجده السّماويّ أظهر ذاته وأعلن ذاته لنا في مشهد لم يسبق أن حصل في تاريخ البشريّة. فالآب ظهر وأعلن أنّ يسوع المسيح، الأقنوم الثّاني المتجسّد، هو ابنه الحبيب. كما أنّ الرّوح القدس نزل بهيئة حمامة وكان حاضرًا لهذه المعموديّة المباركة التي اأخذها يسوع من يد عبدٍ وهو الألف والياء وهو الخالق كلّ الأشياء، يسوع ينحني أمام مخلوق أمام عبدٍ هو يوحنّا المعمدان، أعظم مواليد النّساء، هذا المشهد الرّائع يجعل من عيد الظّهور الإلهيّ منذ أوّل ظهور المسيحية، العيّد الأهم.

نحتفل اليوم بالعيد ونتأمّل هذا المشهد الذي اختار فيه يسوع أن يتقبّل المعموديّة كأيّ إنسان آخر وهو ليس بحاجة إلى تطهير، لا تطهير الجسد ولا تطهير الرّوح، فهو يشبهنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة، لذلك لم تكن المعموديّة شيئًا إضافيًّا على يسوع بل كانت المعموديّة اختياريّة لكي يعلّمنا السّيّد بأنّنا جميعنا تحت النّاموس وعلينا أن نطيع القوانين والنّواميس والتّقاليد المقدّسة. نحن اليوم نرى أنّ ما يجري حولنا في العالم يخالف هذه المبادئ الإنسانيّة والدّينيّة الرّائعة، فالمتقدّم بيننا يجعل ذاته فوق النّاموس لا تحته، يكونون فوق القوانين ويجعلونها في خدمتهم. إجعل النّاموس كتابًا لي وليس للآخرين، هو في خدمتي ولست أنا في خدمته، في حين أنّ يسوع قال "أنا تحت النّاموس" وتقبّل المعموديّة كأيّ إنسان آخر. أنا تحت القانون، أنا تحت التّقاليد المقدّسة الجميلة الرّائعة التي تعلّمنا احترام الآخر وإكرام الوالدين والحفاظ على الوصايا والعيش في الصّلاح. هذه المعموديّة التي اعتمدها يسوع، أراد بها أن يطهّرنا نحن من خلال اعطاءنا المثل كيف يجب علينا أن نسعى إلى تطهير الذّات وتقديسها، إلى احترام الآخر والعيش تحت القانون.

نصلّي اليوم من أجل الذين أعطوا أن يكونوا لنا حكّامًا لكي يخضعوا للقوانين والنّواميس، أن يكونوا تحت القانون لخدمة البشر ولخدمة النّاس.

المثل الثّاني الذي نجده في عيد اليوم هو مثل يوحنّا المعمدان، مثال الإنسان الخادم، النّبيّ الذي يرفع الصّوت عاليًا حتّى لو كان في صحراء لأنّ هذا الصّوت هو صوت الدّفاع عن الحقيقة واختيار العدالة في عيش كريم من أجل الذّات والآخرين. العدالة هي في خدمة المجتمع لذلك الخادم، الموظّف، حامل المسؤوليّة هو في حالة خدمة دائمة، لذلك تعجّب يوحنّا من طلب يسوع أن يعتمد من يديه فقال له "حاشى، ليس لي الحقّ أن أنحني وأحلّ شريط حذائك" لكن يسوع قال له "فلنتم كلّ برّ" ، هذا هو العمل الذي نحتاجه اليوم: أن يكون لدينا مسؤولون وموظفون يقومون بخدمتهم من أجل الخير العام ومن أجل مجد الله ومجد الإنسانية. يوحنّا المعمدان الذي عرف حدّه لكنّه أطاع في الخدمة ليسوع المسيح وقام بغسله في نهر الأردن لكي تحصل البشريّة بأجمعها من خلاله على التّطهير.

المشهد الثّالث في عيد اليوم هو الظّهور الإلهيّ : الآب والإبن بشخص يسوع المتجسّد والرّوح القدس. نحن اليوم بعد عيد الغطاس أو عيد الظهور الإلهيّ في حضرة الثّالوث دائمًا وليس فقط في هذا العيد. لقد أصبح الظّهور العلنيّ للثّالوث حضورًا دائمًا لكلّ المؤمنين وفي البشريّة كلّها.

نطلب من الله اليوم أن يعطينا نعمة التّواضع، تواضع يسوع الخالق الذي لا حدّ لصلاحه ولا حد لسلطانه ينحني أمام يوحنّا المعمدان بالتّواضع، وتواضع يوحنّا المعمدان الذي أطاع طلب يسوع، وعندما نطيع نطيع بالتّواضع.

ونصلّي أيضًا اليوم لأجل قداسة البابا الراحل بندكتوس السّادس عشر، وأدعوكم لتتذكّروا هذا البابا القدّيس، أعظم لاهوتيي القرن الماضي والقسم الذي عشناه من هذا القرن الحاضر.

أتمنّى لكم جميعًا عيدًا مباركًا، وانشاءالله منازلكم تتبارك بحضور الرّبّ في هذا العيد المقدّس، وكما كانت العادات أن نبارك بيوتنا بالرّموز الجميلة، أشجعكم أن تحافظوا عليها وأن تتذكّروا أنّه في منتصف اللّيل يقولون أنّ الشّجر ينحني لمرور يسوع المسيح. انشاءالله نحني نحن البشر للسّيّد المسيح، ونتواضع من أجل السّلام الذي لا ثمن له، والتّواضع هو نعمة إلهيّة.

كلّ عيد وأنتم بخير."

وفي نهاية القدّاس، ترأّس المطران إبراهيم رتبة تقديس المياه ورش بها المؤمنين وأرجاء الكاتدرائيّة وسط ترتيل الجوقة "بإعتمادك يا ربّ في نهر الأردن".