لبنان
16 حزيران 2022, 11:50

إبراهيم في خميس الجسد الإلهيّ: نحن في صلاة لا تتوقّف كي يقوم لبنان ويشفى من أوبئته الكثيرة

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفلت مدينة زحلة بعيد أعيادها، خميس الجسد الإلهيّ، والذّكرى السّابعة والتّسعين بعد المئة للأعجوبة الإلهيّة الّتي أنقذت المدينة من وباء الطّاعون، فأقيمت القداديس في الكنائس.

وللمناسبة، ترأّس رئيس أساقفة أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع المطران ابراهيم مخايل ابراهيم قدّاسًا احتفاليًّا في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة، عاونه فيه لفيف من الكهنة، في حضور جمهور غفير من المؤمنين، انطلق بعده الموكب باتّجاه سراي زحلة سالكًا حارة مار الياس، حضانة الطّفل، حيّ مار مخايل ومار جرجس وصولاً إلى السّراي.

وفي كاتدرائيّة مار مارون في كسارة، ترأّس المونسنيور عبدو خوري قدّاسًا بمشاركة لفيف الإكليروس، وبعد القدّاس انطلق الموكب باتّجاه كنائس مار جرجس، مار الياس ومار يوسف في حوش الأمراء، ومن ثمّ باتّجاه حيّ السّيّدة حيث التقى بالموكب الصّاعد من كنيسة السّيّدة واتّجها نحو ساحة المعلّقة، حوش الزّراعنة وصولاً إلى حيّ الميدان.

وأقيم قدّاس في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاس للرّوم الأرثوذكس. كما ترأّس مطران زحلة للسّريان الأرثوذكس بولس سفر قدّاسًا احتفاليًّا في كنيسة القدّيس جاورجيوس للسّريان الأرثوذكس.

وإلتقت المواكب في ساحة الميدان وتوحّدت في مسيرة واحدة إلى أمام السّراي حيث التقت كلّ المسيرات.

وأمام سراي زحلة، حضر النّوّاب جورج عقيص، الياس اسطفان وسليم عون، النّائب والوزير جورج بوشكيان، محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة، عضو المجلس الدّستوريّ القاضي إيلي مشرقاني، مدير عامّ وزارة الزّراعة المهندس لويس لحّود، رئيس بلديّة زحلة- المعلّقة وتعنايل المهندس أسعد زغيب وأعضاء من المجلس البلديّ، النّائب السّابق د. أنطوان أبو خاطر، رئيس جمعيّة تجّار زحلة زياد سعادة، المساعد الثّاني لقائد منطقة البقاع في قوى الأمن الدّاخليّ العقيد إدوار قسّيس، رئيس دائرة أمن عام البقاع العقيد بشارة أبو حمد، قائد سريّة درك زحلة المقدّم ميشال نقولا، واستقبلوا مواكب الجسد بمشاركة جمهور غفير من المؤمنين. وعلى المنصّة الرّسميّة تواجد المطارنة ابراهيم مخايل ابراهيم، أنطونيوس الصّوريّ، بولس سفر والمونسنيور عبدو خوري ممثّلاً المطران جوزف معوّض لوجوده في السّينودس المقدّس في بكركي، الأب مسعود أبو حاطوم القادم من الجليل خصّيصًا للمشاركة في خميس الجسد وعدد من الكهنة، وأعطى الأساقفة البركة بالقربان المقدّس.

وألقى المطران ابراهيم مخايل ابراهيم عظة بالمناسبة قال فيها: ""لا أخاف سوءًا لأنّك معي... لا نخاف سوءًا لأنّك معنا".  

وهل يُمكنُ أن يدخل الخوفُ زحلة وهي عرينُ أسودِ الإيمان ورايةُ العنفوان وحِصنُ كُلِّ إنسان؟ يا أهل زحلة الأبيّة، يا أهلي وأحبّتي وأبنائي! أتيتُكم أسقفًا فوجدتُ نفسي بينكم أخًا وصديقًا. أتيتكم راعيًا فلقيتُني بين جِبلاتِ رُعيانِ حُبٍّ وحنان. قدِمتُ إليكم غريبًا فصيّرتُموني في بضعة أشهُرٍ قريبًا ونسيبًا. وها نحنُ اليوم في عيدِ أعياد مدينتنا البهيّة، عروسِ الشّرق السّنيّة، أطوف معكم في شوارعها الصّبيحةِ، المشرقةِ الجميلة بنورِ شُعاعِ الجسدِ الإلهيّ الّذي يفوق الإدراك ويعلو سموًّا فوق طاقتنا على كُنهِ جوهر الأسرار السّماويّة الحاضرة معنا وفينا قوتًا يُحيي موتنا فيجعلُنا في وجود. معهُ ما كُنّا أبدًا في عدم، بل في صيرورة حُبٍّ منهُ جُبلنا وتنورّنا وتألّهنا.  

قد نكون في عتمةٍ خارجيّةٍ مُحيطة، لكنّنا نشهد كلّ يوم شروقَ نورٍ لا يغرُب وضياءٍ لا يغيب. شمسُ العدل معنا والمَشرِقُ الّذي من العلاء قوّتنا وثباتنا فكيف نخافُ سوءًا والسّيّدُ معنا، يحوّلُ جوعَنا وعطشنا إلى شبعٍ وارتواءٍ يدومان إلى الأبد فلا نعودُ من بعدُ نجوع أو نعطشُ. قد نكون في مرض، وقد كنّا، فيصيرُ لنا معافاةً وشفاءً. قد نكونُ في تفكّكٍ وانقسام، لكنّنا به نتّحدُ ونتعاضد في سبيل عبورِ الأزمات والويلات كتلك الّتي نمرّ بها. قد نكون أسرى أحقادنا، لكنّه جاء ليحرّرَ الإنسان من جورهِ على ذاته وتعصُّبِه وعنصُريَّتِه ورفضه لأخيه في الإنسانيّة. هو الّذي يَنشُلُنا من يأسٍ وإحباطٍ وخوفٍ لنقوم ونعمل معًا بجدٍّ واتّحادٍ وائتلافٍ يقضي منّا على التّكاسل والتّراخي.

أيّها الأحبّاء، كم أنا مُباركٌ أن أكون في سيرٍ سينودُسيٍّ مع أصحابِ السّيادةِ أساقفةِ هذه المدينة، الجامعةِ في أحضانها كنائسَنا المتنوّعةِ في مسكونيّةٍ ووحدةٍ غنيّةٍ، ظاهرةٍ، فريدة، مميّزة. كم أنا مُباركٌ أنّي انضممتُ إلى طَغْمَةٍ من الكهنة الورعين والشّمامسة الغيارى والرّهبان والرّاهبات الأتقياء الّذين أحبّوا النّاس على قدرِ حُبّهم لله. الآن أودّ أن أذكر بنوع خاصّ قدس الأب مسعود أبو حاطوم من أبرشيّة الجليل للرّوم الملكيّين الكاثوليك الكاهنَ في مدينة العذراء: النّاصرة، وقد جاء خصّيصًا للمشاركة بخميس الجسد الإلهيّ في مدينة زحلة حاملاً إلينا معه بركة الأراضي المقدّسة.  

إنّه لشرفٌ أثيل لي أن أحتفل مع كلّ هؤلاء المكرّسين، للمرّة الأولى مُطرانًا لسيّدةِ النّجاة، ومعكم جميعًا، سعادة المحافظ، وقادةَ قضاءٍ وإدارةٍ وسياسة وجيشٍ وأمنٍ وبلديّاتٍ ومخاتيرَ وفعاليّاتٍ زراعيّة وصناعيّة وتجاريّة وثقافيّة وصحّيّة ووسائلَ الإعلام المتنوّعة ولجنةَ تنظيم العيد والعاملين في الحقلينِ العامّ والخاصّ والحاضرين جميعًا. لقد أعرضتم قسرًا مُدّةَ سنتين عن التّطواف مشيًا على الأقدام بسبب جائحة كورونا. لكنّا اليومَ كعادتنا نعاودُ الاحتفال بهذا العيد الّذي غدا تُراثًا إيمانيًّا زحليًّا بدأه المثلّث الرّحمات المطران إغناطيوس العجوري سنة ألف وثماني مئةِ وخمسة وعشرين وتكرّر مئةً وسبعةٍ وتسعين مرّةً دون انقطاع.

لقد انتصرنا بقوّة الجسد الإلهيّ على كثيرٍ من الأزمات والتّجارب المُرّة في لبنان وآخرِها الكورونا وها نحن اليوم في خليّة صلاة لا تتوقّف كي يقوم لبنان ويشفى من أوبئته الكثيرة ومن داء الفساد الهدّام، ليتمكّنَّ المجلسُ النّيابيُّ الجديد من إجراء الإصلاحات المطلوبة محلّيًّا وإقليميًّا ودوليًّا لعودة الاستقرار والاستثمار، ونشهدَ تشكيلاً سريعًا لحكومة قادرة على مواجهة التّحدّيات المتنوّعة وإيجاد الحلول النّاجعة وأوّلُها أموال المودعين.

أعاد الله عليكم وعلينا هذا العيد بالصّحّة والبركات وليشملكم الجسد الإلهيّ بكَرَمِهِ ومنحِه ذاتَه لكم ولنا بمجّانيّة فائقة الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين. آمين".  

وإنطلق موكب الجسد الموحّد على بولفار زحلة، شاركت فيه المدارس الّتي قدّم طلّابها تراتيل ولوحات تعبيريّة احتفاء بالجسد المقدّس، والجمعيّات الكشفيّة وحركات الشّبيبة والفرق الموسيقيّة وحملة الأعلام، وسط عبق البخور ونثر الورود والأرزّ وإطلاق الحمام، وصولاً إلى مدخل وادي زحلة، فدير مار الياس الطّوق، الكلّيّة الشّرقيّة وحارة الرّاسيّة وصولاً إلى كاتدرائيّة سيّدة النّجاة، حيث عزفت موسيقى الكشّاف وأدّت الفرقة الكشفيّة التّحيّة، وأعطى المطران ابراهيم البركة للمؤمنين.