أيّ سرطان تمنّى البابا بتره من المجتمع وما علاقة الذّكاء الاصطناعيّ؟
ولفت البابا في رسالته، على ضوء عنوان المؤتمر، إلى أنّ "الذّكاء الاصطناعيّ والذي وكما تسونامي قد أحدث ثورة في واقع الإنترنت والّذي هو في حدّ ذاته في تجدّدّ مستمرّ"، وكتب نقلًا عن "فاتيكان نيوز": "إنّ الجوانب التّقنيّة لهذه المواضيع يمكن أن تبدو صعبة الفهم بالنّسبة لكاهن مسنّ كما ومن الصّعب التّحديث بشكل ملموس في التّطوّرات المختلفة في هذا المجال الّذي يصفه البابا في رسالته بالعالم الموازي الّذي قرّرنا أن نسمّيه الشّبكة. ولكن وفي كلّ الأحول فإنّ الحقيقة، الّتي هي يسوع المسيح، ستظلّ آنيّة دائمًا وبالتّالي صالحة للتّأمّل حول أيّة مواضيع تطرح نفسها كمستجدّات.
إنّ من بين المواضيع الكثيرة الّتي يمكن أن يطرحها الذّكاء الاصطناعيّ، أفكّر في موضوع أريد أن أطرحه عليكم، ألا وهو المسؤوليّة. إنّ استخدام شبكة إنترنت يمنح شعورًا بعدم الخضوع لمعاقبة كما وكأنّ هناك مسافة كبيرة تفصلنا عمّا يحدث بينما نتابعه من نافذة بعيدة. ومع اختلاف الظّروف فإنّ هذه الهشاشة البشريّة قد غيّرتنا كثيرًا... فآدم وحوّاء حاولا تحميل ذنبهم لمن أغراهم، وبشكل أكثر خطورة فقد حاول الملك داود إخفاء آثار جريمته بأن ارتكب جرمًا أكثر بشاعة. هذا يعني أنّ الابتعاد عن مسؤوليّاتنا ليس بالأمر الجديد.
وفي حال الذّكاء الاصطناعيّ، يزداد هذا التّطلّع إلى الإفلات من العقاب وذلك لأنّه يتمّ الانتقال من رؤية مواد غير لائقة ونقلها وجمعها إلى إنتاج مادّة جديدة، مصنّعة. إنّ حقيقة أنّنا لم نصنع هذه المادّة بيدينا يعطي الوهم بأن لسنا نحن مَن يفعل شيئًا مشينًا، لسنا نحن مَن يعتدي على شخص أو يسرق صورة، مَن يستخدم مفهوم أو فكرة شخص آخر، أو مَن يعرض أشياء حميميّة يُفترض أن تظلّ في الجانب الخاصّ للشّخص. ولكن ليس هذا صحيحًا، فالآلة تتبع أوامرنا وتنفّذها، لا تتّخذ قرارات بل تبرمَج للقيام بهذا. ومثلما ندرك الخطر الّذي نتعرّض له حين نقود سيارة قويّة ونضغط على دوّاسة السّرعة أو ننتقل إلى المسار العكسيّ فإن استخدام هذه التّقنيّات يمكن أن يتسبّب في أضرار وذلك بأن يريد آخرون محاكاتنا بعد أن رأوا ما قمنا بإنتاجه، وأيضًا أضرار ناتجة عن تدفّق كبير لمواد غير لائقة تلوّث البيئة، وأضرار بسبب ما تواجه السّلطات من صعاب في التّمييز بين ما هو حقيقيّ وما هو اصطناعيّ، وذلك من أجل السّهر على أمن الضّحايا الممكّنين. ويجب تحمّل تبعات هذه الأضرار كلٌّ انطلاقًا من مسؤوليته، سواء من قِبل مَن يستخدم الأجهزة أو من يصمّمها.
وللرّدّ على هذا التّحدّي ينيرنا الكتاب المقدّس وتحديدًا قصّة الملك الّذي وبّخه النّبيّ ناتان على ما ارتكب من خطيئة وكيف ازدرى الرّب ّوارتكب الشّرّ في عينيه. من الضّروريّ أوّلًا الوعي بما يتمّ التّسبّب فيه من أضرار أمام الله وإزاء الضّحايا، ثمّ تأتي أهمّيّة كشف الأكذوبة المتمثّلة في الاحتماء بالتّكنولوجيا كدرع للتّخفيف عن ضمائرنا. من هنا ضرورة مطالبة مصمّمي هذه التّقنيّات والسّلطات المعنيّة بأن تفرض حدودًا وأن تضع قواعد واضحة يمكن تقييمها بشكل ملموس، وذلك للتّمكّن من ملاحقة الاستخدام الضّارّ أو الإجراميّ لهذه التّقنيّات."
وفي الختام تضرّع البابا فرنسيس "كي يبارك يسوع الجميع وكي تحرسهم القدّيسة مريم العذراء"، ثمّ سأل المشاركين في المؤتمر ألّا ينسوا أن يُصلّوا من أجله.