الأراضي المقدّسة
09 أيار 2023, 05:55

أفرام الثّاني في زيارة تاريخيّة إلى الأراضي المقدّسة!

تيلي لوميار/ نورسات
وصل بطريرك السّريان الأرثوذكس مار إغناطيوس أفرام الثّاني، بعد ظهر الخميس، على رأس وفد كنسيّ، إلى باب الخليل في الأراضي المقدّسة حيث رفع الصّلاة في كنيسة القيامة، إذ قبّل حجر الطّيب ودخل إلى قبر السّيّد المسيح وأقام صلاة تشمشت الصّليب، بعدها انتقل إلى كنيسة القدّيسين نيقوديموس ويوسف وأقام تشمشت العذراء والقدّيسين، وبارك المؤمنين الّذي قدموا لاستقباله، يتقدّمهم النّائب البطريركيّ في القدس والأردنّ وسائر الدّيار المقدّسة المطران أنتيموس جاك يعقوب، ورؤساء الكنائس المسيحيّة وممثّلون عنها، إلى جانب رهبان وشمامسة.

أمّا مساءً، فأقام صلاة تشمشت العذراء والقدّيسين في دير مار مرقس البطريركيّ في القدس حيث كان رهبان وشمامسة وكهنة الأبرشيّة باستقباله. وقد رحّب المطران يعقوب للمناسبة بالبطريرك أفرام والوفد المرافق في الأراضي المقدّسة، مشيرًا إلى أهمّيّة هذه الزّيارة التّاريخيّة كون آخر زيارة لبطريرك الكنيسة السّريانيّة الأرثوذكسيّة إلى القدس تعود لأكثر من ستّين سنة.

وفي اليوم التّالي، استهلّ أفرام الثّاني برنامج الزّيارة، فاستقبل بطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا الّذي رحّب به في الأراضي المقدّسة، وتناولا معًا العلاقات الطّيّبة الّتي تجمع الكنيستين.

هذا واحتفل مساء الجمعة برتبة تجليس المطران أنتيموس جاك يعقوب على كرسيّ أبرشيّة القدس والأردنّ وسائر الدّيار المقدّسة، وذلك في دير مار مرقس- القدس.

وفي صباح السّبت، احتفل أفرام الثّاني، في الكنيسة نفسها، بالقدّاس الإلهيّ لمناسبة عيد مار جرجس، أمّا مساءً فاحتفل بطقس تقديس كنيسة علّيّة صهيون في دير مار مرقس، إذ قام، بعد الصّلوات والابتهالات لمباركة المذبح الجديد في الكنيسة، بمسح جوانب المذبح ونواحي الكنيسة بالميرون المقدّس بحسب الطّقس الأنطاكيّ السّريانيّ المقدّس، وبتقديس مائدة الحياة وإلباسها ووضع أواني المذبح.

وكان البطريرك إغناطيوس أفرام الثّاني قد زار ظهرًا مطران الموارنة في القدس موسى الحاج في مقرّ المطرانيّة.

أمّا الأحد فبدأ بالقدّاس الإلهيّ على مذبج كنيسة القدّيسن يوسف ونيقوديموس في كنيسة القيامة، ثمّ استقبل ظهرًا في دير مار مرقس أسقف سبسطيا للروم الأرثوذكس المطران عطالله حنّا الّذي نوّه إلى أهمّيّة هذه الزّيارة التّاريخيّة الّتي تحمل تشجيعًا كبيرًا للمسيحيّين في الأراضي المقدّسة، خاصّة لما للكرسيّ الأنطاكيّ من دور كبير عبر العصور في دعم المسيحيّين في هذه المنطقة وتثبيتهم في أرضهم.

وفي فترة بعد الظّهر، وصل أفرام الثّاني إلى مدينة بيت لحم في حيث كان في استقباله رئيس وزراء فلسطين محمّد أشتاية، ووزيرة السّياحة والآثار رلى معايعة، ومحافظ بيت لحم، إلى جانب عدد من المسؤولين الرّسميّين والمدنيّين.

هناك دخل إلى المدينة بموكب رسميّ وسط عزف فرق الكشّاف وفي مسيرة من وسط المدينة إلى كنيسة المهد حيث بارك الوفود الشّعبيّة الّتي خرجت لاستقباله. وفي داخل الكنيسة أقام صلاة تشمشت العذراء والقدّيسين، وبارك جمهور المؤمنين.  

مساءً، ترأّس أفرام الثّاني صلاة المساء في كنيسة مريم العذراء في بت لحم، وفي نهاية الصّلاة، ترأٍّس رتبة تجليس مختصرة للمطران أنتيموس جاك يعقوب على كرسيّ أبرشيّة القدس والأردنّ وسائر الدّيار المقدّسة.

هذا وشارك في حفل استقبال رسميّ أقيم على شرفه في قصر المؤتمرات في بيت لحم، حضره رئيس وزراء فلسطين الدّكتور محمّد أشتية، ووزيرة السّياحة والآثار رلى معايعة، وسفراء دول عربيّة وأجنبيّة، إلى جانب عدد من ممثّلي الكنائس المسيحيّة والشّخصيّات المدنيّة والاجتماعيّة.

تخلّلت الحفل كلمات، إذ رحّب المطران يعقوب بالبطريرك في بيت لحم، شاكرًا حضوره بين أبناء شعبه واصفًا فرح أبناء بيت لحم بلقائه في هذه الزّيارة التّاريخيّة.

كما ألقى رئيس الوزراء كلمة رحّب فيها بالبطريرك والوفد المرافق مادحًا مواقفه الوطنيّة ودعمه الدّائم للشّعب الفلسطينيّ ورفضه الظّلم أينما كان.

ثم ألقى أفرام الثّاني كلمة أكّد فيها على حقوق الشّعب الفلسطينيّ، مناديًا بحفظ كرامة كلّ إنسان وداعيًا للسّلام في فلسطين وكلّ العالم، مشيرًا إلى ضرورة العمل معًا من أجل تقدّم الإنسان في كافّة المجالات.

أمّا الإثنين فزار بطريرك السّريان الأرثوذكس والوفد المرافق رئيس دولة فلسطين محمود عبّاس في رام الله، بحضور وزير الخارجيّة والمغتربين رياض المالكي، وقاضي قضاة فلسطين الشّرعيّين محمود الهباش، ورئيس اللّجنة الرّئاسيّة العليا لشؤون الكنائس رمزي خوري، والمشرف العامّ على الإعلام الرّسميّ الوزير أحمد عسّاف.

‎خلال الزّيارة، رحّب عبّاس بالبطريرك والوفد، وتحدّث عن تاريخ الكنائس في فلسطين وآخر التّطوّرات في الأراضي الفلسطينيّة. كما أشار إلى حرص دولة فلسطين على تعزيز الوجود المسيحيّ الأصيل في الأراضي المقدّسة وتقديم الرّعاية للكنائس.

بدوره، تحدّث أفرام الثّاني عن الأوضاع الرّاهنة في المنطقة، متمنّيًا أن تزول معاناة الشّعب الفلسطينيّ والشّعب السّوريّ، وآملاً أن يعود الاستقرار إلى كلّ بلاد الشّرق الأوسط. كما شدّد على ضرورة المحافظة على كرامة الإنسان ومنحه حقوقه الأساسيّة. وشكر الرّئيس عبّاس على الدّعم المستمرّ للمسيحيّين في الأراضي المقدّسة.

وعند الظّهر، حطّ البطريرك والوفد رحالهم في بطريركيّة القدس للّاتين حيث استقبله البطريرك بيتسابالا، وكان حديث حول العلاقات بين الكنائس والشّهادة المسيحيّة الّتي تقدّمها في القدس للحجّاج.

وللمناسبة، عبّر أفرام عن سروره بزيارة الأماكن المقدّسة واصفًا إيّاها بـ"بركة عظيمة"، لافتًا إلى أنّ "الشّهادة الحقيقية للسّيّد المسيح هي عندما نخدم شعبه بأمانة ونعكس المحبّة في كلّ أعمالنا وتصرّفاتنا". كما أشاد بالدّور الكبير الّذي تقوم به الكنائس في القدس لتثبيت أبنائها في هذه الأرض المقدّسة.

هذا وزار بطريرك الأرمن الأرثوذكس في القدس نورهان مانوكيان. وخلال الاستقبال الرّسميّ، دخل أفرام إلى الكاتدرائيّة حيث زار ضريح القدّيس يعقوب الرّسول وصلّى خدمة القديسين، ثمّ جال في أرجاء الكاتدرائيّة.  

وخلال اللّقاء، ألقى البطريرك نورهان كلمة مرحّبًا بزوّاره، ووتطرّق إلى العلاقات التّاريخيّة الّتي تربط الكنيستين حيث ساهم الرّهبان السّريان في نشر الإيمان المسيحيّ في أرمينيا مشيرًا إلى الدّور الكبير الّذي لعبه اللّاهوتيّون السّريان في تثبيت الإيمان القويم في الكنيسة الأرمنيّة.

بدوره، شكره أفرام الثّاني على الاستقبال مشيرًا إلى العلاقة المميّزة الّتي تجمع الشّعبين السّريانيّ والأرمنيّ منذ بداية المسيحيّة، مشدّدًا على ضرورة الاستمرار بالعمل من أجل تعزيز هذه العلاقة، لاسيّما في المجالات الأكاديميّة واللّاهوتّية، وعلى ضرورة التّعاون في سبيل تثبيت أبناء الكنيستين في جذورهم المشرقيّة.