دينيّة
07 حزيران 2024, 13:30

أعطيكم قلبًا جديدًا

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب أنطونيوس مقار إبراهيم، راعي الأقباط الكاثوليك في لبنان

 

ورد ذكر القلب البشريّ في الكتاب المقدّس قرابة الألف مرّة وهذا القلب يحمل مشاعر وأحاسيس ورغبات، منها ما هو جيّد، ومنها ما هو رديء.

أرادنا الله أن نعرفه ونعود إليه من كلّ قلوبنا ونتبعه فهو وحده "يَعْرِفُ خَفِيَّاتِ الْقَلْبِ؟" (مز44: 21) "أَنَا الرَّبُّ فَاحِصُ الْقَلْبِ مُخْتَبِرُ الْكُلَى لأُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ حَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ" (إر17: 10)، ولنحبّه أيضًا من كلّ القلب "أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك"، أي بكلّ كيانك وبكلّ ما فيك هو أعطانا قلبًا ومَن يملك قلبًا فهو يملك المعرفة]لأعرفه، وقوّة قيامته (في 3: 10)[. "يا بنيّ أعطني قلبك" والقلب هو الموضع الذي يلتقي فيه الإنسان مع الله. علينا أن نفتّش عليه من كلّ قلبنا، وهذا يعني أن نعيش بتوافق مع شريعته،"أجعل شريعتي في قلوبهم وأكتبها على قلوبهم" (إر 31/33). "أعطيكم قلبًا جديدًا وأجعل في أحشائكم روحًا جديدًا وأنزع من لحمكم قلب الحجر وأعطيكم قلب البشر" (حز 36). القلب النقيّ يعاين الله". ولنقل "قلبًا نقيًّا اخلق فيّ يا الله".

عبادة قلب يسوع لاهوتيًّا تعني عبادة الحبّ أو القلب الإلهيّ وهي ترتكز على الفداء والقربان، والإيمان به كَربّ ومخلّص. وبقدر إيماننا به تكون محبّتنا له، فكم نحن بحاجة إلى هذا الحبّ والأمل أن نقترب منه ونتعلّم، "تعلّموا منّي إنّي وديع ومتواضع القلب"، وأن ننظر إليه وهو مطعون على الصليب طعنة الحبّ اللانهائيّ. بهذه الطعنة سال الدمّ والماء: "من كان عطشانًا فليأت إليّ ويشرب"، "ومن يؤمن بي تجري منه أنهار ماء حي"، الماء لغسلنا من خطايانا والدم لمنحنا الحياة الأبديّة.

بالتالي ليس صحيحًا القول إنّ عبادة قلب يسوع هي عبادة تقويّة عُرفت في القرن السابع عشر بظهور المسيح للقدِّيسة مرغريت ماري ألاكوك إنَّما هي ذات جذور روحيّة ولاهوتيّة في حدث المسيح الخلاصيّ. ونحن نتّحد به في الإفخارستيّا "العطيّة الثمينة لقلب يسوع".

مثلًا يربط آباء الكنيسة كذهبيّ الفم وغيره بين فكرة دم الحمل  الذي جُعِلَ على عتبة بني إسرائيل في مصر فدفع عنهم ملاك الرّبّ الضربة التي أصابت أبكار مصر، وبين دمِّ المسيح فلمّا طعنه الجنديّ خرج منه الماء والدم إشارة إلى ماء المعموديَّة الذي يغسل أقذار خطايانا والدم الذي يُروينا.  

"إنّ قلب يسوع إلهنا مفتوح. فلنَدنُ منه، ولنقبَل النِعم الزاخرة التي تتدفّق منه بغزارة".  

أختم هذه الكلمة بطلب يسوع منّا "تعالوا إليّ أيُّها المُثقلون بالأحمال وأنا أريحكم. إحملوا نيري عليكم، وتعلّموا منّي، فأنا وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم، لأنّ نيري ليّن وحملي خفيف"(مت١١/٢٨-٣٠).