متفرّقات
03 كانون الأول 2024, 12:40

أطفال هايتي: محاصرون في العنف ولكنّهم ليسوا منسيّين

تيلي لوميار/ نورسات
لقد انحدرت هايتي إلى الفقر المدقع، تاركة العديد من الآباء فقراء جدًّا لإطعام أطفالهم. وبدافع اليأس، يتمّ استدراج هؤلاء الأطفال إلى عصابات، تقدّم لهم الطعام والمال، فقط لمحاصرتهم في دائرة لا نهاية لها من العنف. تحذّر منظّمة "أنقذوا الطفولة" من أنّ الهروب من هذه الحلقة يكاد يكون مستحيلًا، وفق ما نقلت "فاتيكان نيوز".

 

بعد سنوات من المعاناة من الاستعمار تحت الحكم الفرنسيّ، أجبر الهايتيّون، الذين دفعوا ثمن حرّيّتهم بالدم أوّلًا، على دفع ثمنها نقدًا. تطلّب الاتّفاق مع فرنسا من هايتي دفْع ما يعادل اليوم 21 مليار $ لتحريرها من حكم البلاد. دفعت هايتي تعويضات لفرنسا لمدّة 120 عامًا، ولم تنته إلّا في عام 1947. مثل هذا الديْن، الذي شمل أحفاد الرقيق الذين دفعوا لعائلات مالكي الرقيق السابقين، حوالى 50٪ من دخل هايتي على مدى تلك الفترة. وهذا يعني أنّ البلاد لم تستطع الاستثمار في التعليم أو البنية التحتيّة أو الرعاية الصحّيّة.

وفقا لغابي بريتون، مديرة الشؤون الإنسانيّة والشراكة في منظّمة "أنقذوا الطفولة" في هايتي، فإنّ هذا النقص في الاستثمار لا يزال محسوسًا حتّى اليوم. "لا يزال إرث الاستعمار يؤثّر على قدرة هايتي على خلق مجتمع منصف وعادل."

في مقابلة مع "فاتيكان نيوز"، توضح بريتون أنّ الأزمة الاقتصاديّة التي واجهتها هايتي لعقود أدّت إلى الفقر المدقع، تاركة المزيد من الناس عرضة للخطر. "هذا يخلق الظروف المثاليّة لتجنيد العصابات....التي تيسطر الآن على ما يقرب من 85٪ من العاصمة".

ماذا يعني العيش في مدينة تديرها العصابات؟ تقول بريتون: "هي دورة لا نهاية لها من العنف"، وكالعادة، فإنّ الأطفال هم الأكثر تضرّرًا. تسيطر أكثر من 150 عصابة على مساحاتٍ جعلتها لها وتوسّعها، وقد ارتفع تجنيد الأطفال في العصابات المسلّحة بنسبة 70٪ في العام الماضي. ولا يُترك لهؤلاء الأطفال أي خيار آخر، فينضمون إليها عندما تتاح لهم الفرصة.

توضح بريتون أنّ أكثر من 700,000 شخص نزحوا من بورت أو برنس، عاصمة هايتي. وهربًا من العنف، غالبًا ما يبحث الأطفال وأسرهم عن ملجأ في المدارس. لكن عندما تلجأ هذه العائلات النازحة إلى المدارس، لا يعود بإمكان الأطفال متابعة الدراسة لأنّ هذه المؤسّسات تصير مكتظّة". مئات الآلاف من الأطفال خارج المدرسة، وكانت المدارس في كثير من الأحيان هي اليقين الوحيد في تلقّي وجبة طعام.

لهذين السببين يتمّ تجنيد الأطفال في العصابات. إنّ الحلقة المفرغة الناجمة عن نقص التعليم والفرص الاقتصاديّة تعني أنّ الأسر تكافح من أجل كسب المال والعثور على الطعام.

والأسوأ بعد أنْ، بمجرّد أن تكون جزءًا من عصابة، لا تستطيع تركها..."لا يوجد طفل يريد الانضمام إلى عصابة، ولكن عندما لا يوجد شيء للأكل، ليس لديك خيار كبير. إذا لم يطيعوا، يمكن أن يقتلوا"...ويجبر الأطفال على ارتكاب جرائم عنيفة، "ومع مرور الوقت يعتادون على الأمر الذي يمسي قاعدةً بالنسبة إليهم".

تثبت العصابات سيطرتها من خلال أنواعٍ مختلفة من الأعمال الترهيبيّة...تتابع بريتون: "الأطفال محاصرون، ويتعرّضون لعنف لا يمكن تصوّره، ويتمّ استغلالهم على المستويات كلّها"....

على الرغم من التحدّيات الهائلة التي يواجهها الهايتيّون، هناك بصيص من الأمل يبرز من جهود المنظّمات المحلّيّة والدوليّة...وتوضح بريتون أنّ هذه المنظّمات توفّر مساحات آمنة للمعلّمين والأطفال، وتقدّم الدعم النفسيّ للضحايا على أنواعهم.

كما أنّها تعمل على منع التجنيد في العصابات من خلال المبادرات المجتمعيّة.  

وبينما تنظر أعين الغرب إلى مكان آخر، من الضروري أنْ يستمرّ التركيز على هايتي. يستحقّ كلّ طفل في هايتي فرصة الحلم بمستقبل أكثر إشراقًا، ويستحقّ التعليم والسلامة وفرصة النمو من دون خوف.

وتذكّرنا بريتون، بأنّ "أطفال هايتي جزء من إنسانيّتنا المشتركة".وبأنْ، بإمكان المجتمع الدوليّ أن يساعد في كسر حلقة الفقر والعنف.

"من خلال التضامن والرحمة والعمل، يمكن استبدال دورة اليأس". أطفال هايتي هم الضحايا، والضحايا الذين لا صوت لهم، والأكثر تضرّرًا. "يجب أن نكون أصواتهم، مستقبل هايتي يعتمد عليهم، لأنّ الأطفال هم المستقبل"، تقول بريتون.