أسقف جديد في الكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة
وتمّت السّيامة الأسقفيّة خلال قداس إلهيّ عند الخامسة من مساء أمس، بوضع يدّ البطريرك يونان راسمًا الخورأسقف مراد أسقفًا للدّائرة البطريركيّة باسم مار ميتاس شارل مراد، في حضور سياسيّ واجتماعيّ، القائم باعمال السّفارة البابويّة في لبنان ايفان سانتوس وعدد من المطارنة والآباء العامّين والكهنة والرّهبان والرّاهبات وعائلة المطران مراد، حسب ما أوردت الوكالة الوطنيّة.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك يونان عظة قال فيها: "إن بولس رسول الأمّم في رسالته إلى القدّيس تيموتاوس يذكّره بالدّعوة إلى الأسقفيّة الّتي هي موهبة من الله بوضع يدّ الرّسل وخلفائهم، فحذر الأسقف أن يهمل هذه الموهبة، وشجع أيّاه كيّ يؤدي خدمته بإعلان الكلمة والوعظ والتّعليم بثبات وبروح القوّة والمحبّة والفطنة، هكذا يخلّص نفسه ونفوس المؤمنين الموكلة إلى خدمته.
لقد أصغينا إلى البشرى السّارة في إنجيل متّى وفيها أنّ الرّبّ يسوع عندما أعترف فيه بطرس أبنًا لله الحيّ، سمّاه بالصّخرة الّتي سيبني عليها بيعته مؤكّدًا أنّ أبوّاب الجحيم لن تنال من هذه البيعة، ومعنى اختيار هذا النّصّ الإنجيليّ في الرّسامة تذكّير لنا بأن الخدمة الأسقفيّة هي دعوة خاصّة لاتّباع السّيّد في مسيرة الفداء، فيسوع قال لتلاميذه: "لستم أنتم من اخترتموني بل أنا اخترتكم لتنطلقوا ولتأتوا بثمار". فالأسقف ليس فقط للكرامة بل لتحمّل المسؤوليّات الجسيمة التي تلقى عليه وما أكثرها اليوم متّكلاً أولاً وأخيرًا على يسوع معلمه، هي النّعمة الإلهيّة تقوّيه وتقوده في طريق الخدمة الأسقفيّة بالأمانة والثّبات مهما كثرت الصعوبات ومهما تلكأت الطّبيعة البشريّة.
شعار أسقفنا الجديد "بالحق والمحبة"، وهو مدعو ليكافىء الأخيار ويسامح المقصّرين ويعلن الحقيقة من دون تزلّف وتردّد ونشر جوّ من الفرح والرّجاء والخدمة، وهو مؤتمن على الإيمان الذي نقله إلينا أباؤنا القّديسون ومؤتمن على إخوته وأخواته يشجعهم ويرافقهم ليتمسّكوا بمحبّة الرّبّ، وليشارك بروح النّزاهة المتجرّدة ببناء مؤسّسات إبرشيتنا فيضحي الرّاعي المحبّ والمّتفهم والمنفتح على الشّراكة يعمل بحكمةٍ وصمتٍ وتواضعٍ على غرار معلّمه الذي قال: "تعلّموا منّي أنّي وديع ومتواضع القلب" .
أسقفنا الجديد مؤتمن على نشر حضارة المحبّة والتّعلق بكنيستنا والافتخار بتراثنا السّريانيّ والمشرقيّ والاعتزاز بالآلاف من المعترفين والشّهداء الّذين قدّموا بدمهم من أجل يسوع الفادي. إنّه من روّاد الحقّ والعلم ومن روّاد المحبّة والانفتاح على الكنائس الشّقيقة في الحوار البّناء هكذا يضحي فاعلاً للسّلام.
أبونا شارل يحتفل غدًا بذكرى مولده الـ 49، لبّى دعوة الرّبّ بفرح منذ صغره، سيم كاهنًا بوضع يدّ سلفنا المثلّث الرّحمات مار اغناطيوس أنطون الثّاني حايك، وانطلق يخدم رعيّته وكنيسته راعيًا ومرشدًا ومعلمًا حصّل تعليمه في لبنان في جامعة الرّوح القدس، كما في روما، وكان دومًا مشهودًا له بعطاءاته وانفتاحه والمرح الذي كان ينشره حوله، كان معروفًا إنّه يجسّد حوله محبّة الرّبّ بعطاءاته في حقول الرّعايا وممارسة العدالة ممّا دعا آباء السّينودوس ليرشّحوه للرّتبة الأسقفيّة فيصبح راعيًا مبشّرًا بالكلمة، أُهنّىء أبونا شارل بأسقفيّته وأُهنّىء والدته وذويّه ونضرع إلى العذراء مريم أمّنا السّماوية سيّدة البشارة أن تشفع بنا لدى أبنها فيؤدّي المطران مار ماتياس شارل رسالته بتجرّد وبسخاء حسب روح الإنجيل وتعليم الكنيسة الكاثوليكيّة."
وتلت الكلمة رتبة السّيامة فقرأ المنتخب صيغة إيمانه الّتي سبق إن كتبها بخطّ يدّه وأعلن خلالها بالمحافظة على وديعة الإيمان والدّفاع عنها، كما نقلها إلى آباء الكنيسة، ثمّ السّيامة وإعلانها، ليتقبّل من بعدها المطران الجديد التّهاني من الحضور داخل الكاتدرائيّة.