الفاتيكان
11 تشرين الأول 2022, 09:30

أربع نقاط في حياة القدّيس أرتميدي زاتي استوقفت البابا فرنسيس، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
أمام الحجّاج السّاليزيان الّذين أتوا إلى الفاتيكان للمشاركة في عرس إعلان قداسة أرتيميدي زاتي، تناول البابا فرنسيس خلال استقبالهم عشيّة قدّاس التّقديس، تناول البابا فرنسيس شخصيّة القدّيس الجديد من جهات أربع طبعت حياته، فتحدّث عنه كمهاجر، وقريب من الفقراء، وأخًا ساليزانيًّا، وشفيعًا للدّعوات.

وفي كلمته مفصّلة، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "أحيّي أعضاء المجلس العامّ، الكرادلة والأساقفة السّاليزيان؛ كما يسعدني أن أرحّب بالحجّاج القادمين من بوريتو، مسقط رأس أرتيميدي زاتي، والحجّاج القادمين من الأرجنتين والفلبّين؛ أحيّي أيضًا أعضاء العائلة السّاليزيانيّة القادمين من العديد من دول العالم، بطريقة خاصّة الإخوة المساعدين السّاليزيان. وتحيّة خاصّة للشّخص الّذي نال نعمة الشّفاء بشفاعة الطّوباويّ، الّذي سأفرح بإعلان قداسته غدًا، وأريد أن أذكّر بشخصيّته من أربع وجهات نظر.

أوّلاً كمهاجر. وصل السّاليزيان إلى الأرجنتين عام ١٨٧٥ وقاموا في البداية برسالتهم في بوينس آيرس وأماكن أخرى، وخاصّة لصالح المهاجرين الإيطاليّين. إلتقى أرتيميدي بالسّاليزيان في باهيا بلانكا، حيث جاء هو وعائلته من إيطاليا في عام ١٨٩٧. لسوء الحظ، كان العديد من المهاجرين يفقدون قيم الإيمان، وكانوا جميعهم مأخوذين في العمل والمشاكل الّتي كانوا يواجهنوها. لكن عائلة زاتي، الحمد لله، قد شكلوا استثناء. فالمشاركة في حياة الجماعة المسيحيّة، والعلاقات الودّيّة مع الكهنة، والصّلاة المشتركة في المنزل، عيش الأسرار، جميع هذه الأمور لم تغب أبدًا. وبالتّالي نشأ أرتيميدي في بيئة مسيحيّة ممتازة وبفضل توجيهات الأب كارلو كافالي، نضج فيه الخيار للحياة السّاليزيانيّة.

الجانب الثّاني: لقد كان "قريب جميع الفقراء". بدا أنّ مرض السّلّ الّذي أصابه في سنّ العشرين قد وضع حدًّا لجميع أحلامه، ولكن بفضل الشّفاء الّذي ناله بشفاعة العذراء مريم سيّدة المعونة، كرّس أرتيميدي حياته كلّها للمرضى، ولاسيّما للأشدَّ فقرًا، المتروكين والمهمَّشين. وقد شكّلت مستشفيات سان خوسيه وسانت إيسيدرو مصدرًا صحّيًّا ثمينًا وفريدًا للرّعاية بشكل خاصّ بفقراء فيدما ومنطقة ريو نيغرو: فقد جعلتها بطولة زاتي أماكن لإشعاع محبّة الله، حيث أصبحت الرّعاية الصّحّيّة خبرة خلاص. في تلك البقعة من منطقة باتاغونيا، حيث عاش طوباويّنا، تمّت إعادة كتابة صفحة من الإنجيل: فقد وجد السّامريّ الصّالح فيه القلب واليدين والعاطفة، لاسيّما من أجل الصّغار، والفقراء، والخطأة، والأخيرين. وهكذا أصبح المستشفى "نزلَ الآب"، علامة كنيسة تريد أن تكون غنيّة بالعطايا البشريّة والنّعمة، موطنًا لوصيّة محبّة الله والأخ، ومكانًا للصّحّة كعربون خلاص. كانت المستشفى ومنازل الفقراء، الّتي كان يزورها ليلاً ونهارًا بالدّرّاجة، هي حدود رسالته. فقد عاش عطاء الذّات لله وكرّس كلّ قوّته لخير القريب. كان العمل المكثّف والاستعداد الدّؤوب لاحتياجات الفقراء يحرّكهما الاتّحاد العميق مع الرّبّ: الصّلاة المستمرّة، وعبادة القربان المطوّلة، وصلاة مسبحة الورديّة. كان أرتميدي رجل شركة يعرف كيف يعمل مع الآخرين: الرّاهبات والأطبّاء والممرّضات؛ وبمثاله ونصائحه كوّن الأشخاص وصاغ الضّمائر وغيَّر القلوب.

ثالثًا، نراه أخًا ساليزانيًّا. نتذكّر الشّهادة الجميلة الّتي أدلى بها في عام ١٩١٥ في فيدما، بمناسبة تدشين نصب تذكاريّ لذكرى الأب إيفاسيو غاروني، المُرسَل السّاليزيانيّ الّذي كان أرتيميدي يعتبره من كبار المحسنين. في تلك المناسبة، أدلى بهذا التّصريح: "إذا كنتُ مرتاحًا، فأنا بصحّة جيّدة ويمكنني أن أصنع القليل من الخير لقريبي المريض، وأنا مدين بذلك للأب غاروني، الطّبيب، الّذي وإذ كان يرى صحّتي تتدهور يومًا بعد يوم، لأنّني أعاني من مرض السّلّ مع نفث دم متكرّر، قال لي بشكل حاسم أنّه إذا لم أرغب في أن ينتهي بي المطاف مثل كثيرين آخرين، فعليّ أن أقطع للعذراء مريم سيّدة المعونة بالبقاء إلى جانبه دائمًا، ومساعدته في رعاية المرضى، وهو، إذ يثق بالعذراء مريم، سيشفيني. فصدَّقته، لأنّني كنت أعرف أنّ للعذراء مريم سيّدة المعونة كانت تساعده بطريقة مرئيّة. وقطعت الوعد، لأنّني كنتُ أرغب دائمًا في مساعدة قريبي في شيء ما. وإذ أصغى الله عبده شُفيت". وهذه الحياة الّتي استعادها لم تعد ملكه، بل أصبحت كلّها للفقراء. والأفعال الثّلاثة "آمن، وعَدَ، وشفى" تعبّر عن البركة والتّعزية اللّتين لمستا حياة أرتيميدي. وعاش هذه الرّسالة في شركة مع إخوته السّاليزيان: فكان أوّل من يتواجد في لقاءات الجماعة وكان بفرحه ولطفه يحرِّك الأخوَّة.

الميزة الرّابعة والأخيرة الّتي أريد إبرازها هي أنّه كان شفيعًا للدّعوات. وهنا لديّ تجربة شخصيّة. عندما كنت الرّئيس الإقليميّ لليسوعيّين في الأرجنتين، تعرّفت على قصّة أرتيميدي زاتي، وقرأت سيرته الذّاتيّة وأوكلته أن يطلب من الرّبّ دعوات قدّيسة للحياة المكرّسة العلمانيّة وللرّهبنة اليسوعيّة. ومنذ أن بدأنا الصّلاة بشفاعته، زادت الدّعوات بشكل كبير؛ وكانوا أشخاصًا مثابرين وملتزمين جدًّا. وهكذا شهدت لهذه النّعمة الّتي نلناها. وفي هذا الصّدد أودّ أن أؤكّد على أهمّيّة دعوة الإخوة. لقد رأيتها في الرّهبانيّة اليسوعيّة وأعلم أنّه يمكننا أن نقول الشّيء عينه عن السّاليزيان. إنَّ الأخوة يملكون موهبة خاصّة تتغذّى من الصّلاة والعمل. وهم مهمّون للرّهبانيّة بأسرها. إنّهم أشخاص تقوى، وهم مرحون ومجتهدون. وهم لا يشعرون بـ "عقدة النّقص" لأنّهم ليسوا كهنة، ولا يطمحون إلى أن يصبحوا شمامسة. لأنّهم يدركون دعوتهم جيّدًا ويريدونها بهذه الطّريقة. أيّها الإخوة المساعدون، كونوا أنتم أيضًا ممتنّين دائمًا على عطيّة هذه الدّعوة، الّتي تقدّم شهادة خاصّة للحياة المكرّسة وقدّموها هكذا للشّباب كشكل من أشكال الحياة الإنجيليّة في خدمة الصّغار والفقراء.

أشكركم جميعًا أيّها الإخوة والأخوات لمجيئكم للاحتفال بإعلان قداسة أرتيميدي زاتي. أبارككم من صميم قلبي، وأبارك الّذين لم يتمكّنوا من القدوم بسبب العمر أو لظروف صحّيّة. أبارككم جميعًا. وأطلب منكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي."