"وحياة اللي راحوا".. سيبقى الفنّ لمنصور وعاصي
فالمنصور، كما يشعّ من القاموس، هو المنتصر، الفائز، المستظهر على الخصم.
ومنصور، كما يشعّ من الفنّ، هو أيضًا، وبدون منازع، المنتصر، الفائز، المستظهر على الخصم.
لأنّ منصور الرّحباني، كما عرفه لبنان والعالم، يكلّل رأس الهرم الفنّيّ اللّبنانيّ. ومع أخيه عاصي العملاق، انتصر منصور فنّيًّا بإبداعه وعطائه الموسيقيّ الكبير، مظلّلًا الفنّ، قديمًا وحديثًا، برونق فريد يبرق أصالة.
في ذكراه، تتأهّب الأنغام احترامًا ويستقيم البيانو إجلالًا وينحني النّاي تقديرًا ويخبّئ العود في داخله أسرار الابتكار وحكايات الإبداع.
في ذكراه، يعزف البيانو أسمى الألحان، فالمفاتيح السّوداء ترنّ آهات غيابه المؤسف والمفاتيح البيضاء تصرخ جمال حضوره الدّائم.
في ذكراه، تتّسع الفجوة بين مدرسة التّراث الرّحبانيّ والفنّ الحديث السّائل، فالأذن اشتاقت إلى من يدغدغها بهدوء أنغام "غريبين وليل" والسّاحات تاقت إلى من طلب تزيينها حين قال "زيّنوا السّاحة والسّاحة لنا" والعاصمة حنّت إلى من أهداها "بيروت"، حتّى للحجر حصّة من أصالة منصور الذي ناداه "يا حجر لولا بتحكي يا حجر".
في ذكراه، و"وحياة اللي راحوا" سنبقى متمسّكين بالفنّ الأصيل الرّحبانيّ، ومهما حاولت عاصفة الحضارة الحديثة المبتذلة اقتلاع جذور التّراث الموسيقيّ، سيتشبّث لبنان بقمّة الفنّ ليبقى منارة العالم العربيّ.