"مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُم عَظِيمًا، فلْيَكُنْ لَكُم خَادِمًا"
قال المسيح "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُم عَظِيمًا، فلْيَكُنْ لَكُم خَادِمًا"(مر 10: 43)، راسمًا لنا خارطة طريق مختلفة ومتميّزة وفريدة ليفهمنا أنّ السّلطة والعظمة هي بالخدمة والحقّ، فقد أضاف قائلًا "ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بيْنَكُم، فَلْيَكُنْ عَبْدًا لِلْجَمِيع""(مر 10: 44). أراد المسيح أن يوضح لنا أنّ السّلطة تكتسب بالخدمة والتّواضع والمحبّة اللّامتناهية على مثاله، "لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَم، بَلْ لِيَخْدُم، ويَبْذُلَ نَفْسَهُ فِداءً عَنْ كَثِيرين" (مر 10: 45)، معلنًا بذلك ثقافة جديدة ترتكز على التّضحية من أجل عالم أكثر إنسانيّة، مقتدين به لنصل إلى مجد المصلوب القائم والمنتصر على الموت.
وعندما ندرك ثقافة يسوع العظيمة، نلاحظ محدوديّة تلميذيه ابني زبدة، يعقوب ويوحنا، بمنطقهما البشريّ والماديّ والأنانيّ البعيد عن فكر الله ومشروعه الخلاصيّ، مشروع يتخطّى محدوديّتنا ليدهشنا في كلّ لحظة من حياتنا، ويخلّصنا ويرفعنا إليه. فأظهر لهما المسيح منطق الملكوت الإلهيّ المبنيّ على التّواضع والتّضحية والخدمة وبذل الذّات، خلاقًا لمفهوم الإنسان للسّلطة، القائم على التّسلّط والقوّة والعظمة المزيّفة.
إنجيل اليوم إذًا يؤكّد لنا أنّ العظمة خدمة، طالبًا منّا التّسليم الكلّي للرّبّ والانفتاح على مخطّطه الأبويّ الإلهيّ من دون خوف، والتّمثّل به هو الإله الّذي بذل نفسه من أجل خلاصنا.