"منيح اللي ذكّرني..."
كلامٌ مُسهبٌ أيضًا أضاء مرارًا الجانب الإيجابيّ لمواقع التّواصل الاجتماعيّ، جانبٌ سهّل حياة المرء وبسّطها، مقرّبًا المسافات خارقًا الأمكنة والأزمنة.
إلّا أنّ كلامي اليوم يتناول مسألة تثيرها مواقع التّواصل الإجتماعيّ، مسألةٌ قلّما يعتبرها البعض إشكاليّة لا بدّ من التّوقّف عندها، مسألةٌ دقيقةٌ ألا وهي تذكير موقع "فايسبوك" المرء بأعياد مولد أصدقائه وإعادة بعض الذّكريات القديمة التي حفظها الموقع منذ سنين.
مفيدةٌ هي هذه الخدمة التي يقدّمها موقع "فايسبوك" لمستخدميه، خدمةٌ تبعد مشاكل النّسيان بشكل كبير ولافت، تثبّت العلاقات ولا تزعزعها بل تزيدها محبّة واحترام.
إلّا أنّ هذه الخدمة تهدّد وبشكل بارز الصّداقات على المدى البعيد، فما عاد المرء يتذكّر عيد مولد صديقه، بل بات يتّكل على جهاز إلكترونيّ مبرمج لا قلب له ولا أحاسيس ليُشعل في قلبه هو المحبّة التي يكنّها للصّديق المولود. أصبح الإنسان إذًا رهينة آلة تدير أعماله وتقود واجباته، ليتناسى مسؤوليّاته غارقًا في سحر هذا الموقع الرّهيب.
خدمة جديدة أطلقها "فايسبوك" حديثًا وهي عمليّة استرجاع صور أو تعليقات من سنين قديمة، ذكريات محتها تمامًا الأيّام والظّروف، لتبقى التّكنولوجيا وحدها حافظتها.
هي تحفظ اللّحظة لا المشاعر، تترك البصمة المادّيّة لا المعنويّة، لتموت الأحداث وهي حيّة، وتضيع الأوقات وهي جارية...