"ما ذنب ابتسام م. ؟"...
اقتباسٌ حياتيّ بامتياز سكبه مواطنون لبنانيّون في قالب واقع الكورة، اغتصابٌ حقيقيّ نقل التّمثيل الأليم إلى ألم ملموس وقعت ضحيّته الفتاة القاصر ابتسام م. بعد تناوب ثلاثة شبّان على التّعدّي عليها، في حين أنّ شابًّا رابعًا يُشتبه بتورّطه أيضًا.
لم تكتفِ المصيبة الأولى بهدم حجارة حياة الفتاة الضّحيّة، لتتكاتف معها فاجعات ثلاث في عمليّة الدّمار الشّامل، إذ تخدّرت الفتاة بعد عمليّة الاغتصاب، دخل جدّها العناية المركّزة فور تلقّيه الخبر الصّادم وهو مربّيها بعد وفاة والدتها وسفر والدها، وتوفّيت والدة أحد الشّبّان عند سماعها بفضيحة ابنها.
جفافٌ إنسانيّ مُحمَّل برياح الإجرام العاصفة خطف إذًا من الشّمال زهرةً من حقلها، امتصّ عبيرها المُسكر وشوّه جمالها المشعّ وأذبل أوراقها الرّاقصة المتفتّحة.
بطش هؤلاء الشّبّان وقساوتهم وقلوبهم الكفيفة تهزّ الرّوح وتُرجف الأحاسيس وتمسّ الشّفقة، طارحةً إشكاليّة بارزة تُسائل الضّمير والوجدان والمجتمع عن نسبة الإجرام التي رفع معدّلاتها مواطنو بلد القداسة مستخدمين أفظع الأساليب وأكثرها شراسة.
من نلوم هنا؟ هل تربية هؤلاء الشّبّان السّيّئة، أو أخلاقهم الرّديئة، أو الأحوال الاجتماعيّة البائسة التي قد تدفع ببعض الأشخاص ذوي الميول السّهلة الموحلة إلى فرض مآسيهم بأعمال إجراميّة شنيعة وإدخالها قسرًا إلى حياة من لا ذنب له.
يتربّع هؤلاء الشّبّان بهذا على عرش قصر الفظاعة المُظلم، عرش أرضيّ ظلَم فردًا ضعيفًا من حاشيته، لا بدّ من أن يتغلّب يومًا ما على من سبّب الدّموع الحارقة، ربّما بعدالة الأرض وحتمًا بعدالة السّماء.