دينيّة
31 كانون الثاني 2017, 06:44

«لَو كُنْتِ تَعْرِفِينَ عَطِيَّةَ الله، ومَنِ القَائِلُ لَكِ: أَعْطينِي لأَشْرَب، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا»

الله هو خالق الكون ومعطي الحياة، ونحن نرى أنّ عطاياه في العالم كثيرة وعظيمة وأنّه بحبّه وعطائه جعل لنا الوجود فكان الخلق وكانت لنا الحياة، ونحن نردّد هذه الحقيقة ونقرأها في مراجعنا المسيحيّة ونكتبها ونعبّرعنها بأقوالنا ولكن يبقى سؤالٌ يردّه لنا يسوع في أحشائنا: "لو كنت تعرفين عطيّة الله"، فنتساءل كيف نتعرّف على عطيّة الله؟ وما هو فعل معرفة الله؟ هل هو ما نراه في الخلق أو ما نسمعه في العالم الخارجيّ؟ هل نعرف عطيّة الله بممارساتنا الدّينيّة؟ هل بأفكارنا الرّوحيّة؟ هل عجائب الشّفاءات الجسديّة الّتي نراها تجعلنا ندرك عطيّة الله؟

 

حقيقة واحدة أدركها القدّيس أغسطينس وقدّيسون كثيرون وهي إدراك حقيقة الله في ذاتنا الدّاخليّة، عبث أن نبحث عن الله

في عالمٍ خارجيّ، وفي ظهوراتٍ بعيدة عن اختبارنا الشّخصيّ، لأنّ الله الّذي أوحى بذاته في العالم أراد لنا أن ندركه حقيقةٌ، نختبرها في ذاتنا الدّاخليّة، أخطأ كثيرون من الفلاسفة باعتقادهم أنّنا ندرك حقيقة الوجود ونحن في اغترابٍ عن الذّات الدّاخليّة، لأنّ الحقيقة تنبع من الدّاخل الّذي زرع فيه الله احتمال معرفته واختباره، بفعلٍ واحدٍ وهو انفتاحٌ داخليٌّ يستوعب عمله وكلمته الّتي حقّقت مشيئته في العالم على أن تتحقّق في ذواتنا، بفعل حرّ يوحّد ذاتنا الإنسانيّة بفعل الله الخارق فنطلب عطيّة الماء الّذي يعطي الحياة ويجدّدها.