ثقافة ومجتمع
21 أيلول 2018, 13:00

"ليس لديّ ذراعان ولا ساقان لكنّني لست قلقًا.. فيسوع يحملني"

ريتا كرم
ما أن تراه العين حتّى يُصعق القلب وتُشلّ الأرجل ويفقد اللّسان طلاقته لهول المفاجأة.. هو بطل من أبطال عصرنا تغلّب على ضعفه الجسديّ لأنّه وثق بربّ الأرباب، فتحوّل إلى سفيره بين الضّعفاء لا بل أكثر إلى معجزة حيّة أرادها الله بيننا ليقود النّفوس إلى الخلاص.

 

هو الأستراليّ نيكولاس فوجيسيك، الشّابّ الثّلاثينيّ الّذي ألهم الملايين حول العالم بابتسامته الدّائمة وإرادة الحياة بالرّغم من عاهته الجسديّة الّتي رافقته منذ أن أبصر النّور، فوُلد فاقدًا لأطرافه الأربعة.

حالته أثّرت عليه سلبًا في البداية، إذ فقد الرّغبة بالحياة وحاول أن ينتحر وهو في الثّامنة من عمره إلّا أنّ حبّ والديه نهاه عن ذلك، فعاد وتمسّك بالحياة واختار أن يثق بالله بعد أن قصّت عليه أمّه حكاية رجل معوّق حرّكت مشاعره وأشعلت في داخله رغبة بالحياة، فنفخ الله فيه إيمانًا وسلامًا، وعرف أنّه خلقه بدون ذراعين ولا رجلين لكي يتمجّد الله من خلاله.

لم يسمح لإعاقته أن تقتل طموحه، لا بل حصد في العلم شهادات في إدارة الأعمال والاقتصاد خوّلته رئاسة منظّمتين سبّاقتين في مجال الاقتصاد، ترأّس إحدى أكبر الجمعيّات الأهليّة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، وسمح لقلبه أن يخفق عشقًا لامرأة أرادها زوجة له وأمًّا لأولاده ويضحي ربّ أسرة مسيحيّة يحضن أفرداها بقلب حرّ يهيم بكلمة الله. وأكثر أطلق لجسده العنان فاكتسب بعض المهارات مثل الطّباعة على الكمبيوتر وتعلّم الكتابة وممارسة رياضات الكرة والتّنس والغولف والسّباحة.

يجول نيك اليوم بلدان العالم مخاطبًا الأطفال والشّباب والكبار إنطلاقًا من خبرته، زارعًا فيهم قوّة لمواجهة الصّعاب، من خلال كلمات تبشّر بروح الله وتعاليمه المقدّسة.

"ليس لديّ ذراعان ولا ساقان لكنّني لست قلقًا.. أنا لستُ بحاجة إليها وإنّما بحاجة إلى أجنحة الرّوح القدس لأحلّق، فيسوع يحملني"، تلك هي كلماته في إحدى شهادات حياته الّتي تملأ مواقع التّواصل الاجتماعيّ. كلمات يكفي أن نقرأ حرفيّتها لنعلم كم أنّ الله عظيم! هو حوّل ضعفه إلى قوّة، انتشله من بؤسه وزرع فيه فرحًا معديًا ونشاطًا كبيرًا، وأطلقه إلى العالم بابتسامة لا تفارق محيّاه وعينين لا تعكسان إلّا صدقًا وسلامًا، ولسان لا ينطق إلّا بروح الله، وقلب يؤمن بأنّ الله الّذي لم يتخلّ عنه يستخدمه ليهدي شخصًا آخر إلى الخلاص ويزرع فيه الرّجاء ويعيد إليه الأمل في الحياة.