دينيّة
15 تشرين الثاني 2024, 10:00

"لتكن مشيئتك"

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب روجيه كرم كاهن في أبرشيّة جبيل المارونيّة، مرشد جماعة الأبانا ومرشد جماعة الفرح بالروح القدس

 

في خضمّ هذا العالم المتلاطم بالأحداث، المملوء بالصراعات والحروب، حيث يسود القلق من المجهول ويتردّد صدى الشكّ في النفوس أمام غموض المصير، نجد في كلمات الربّ ملاذًا وسكينة "لتكن مشيئتك".

في وجه هذه التحدّيات، نُدعى لأن نتسامى فوق اضطراب نفوسنا، فنستظلّ بوعود الله التي تحوّل الخصام إلى سلام، وتحيل التشويش إلى طمأنينة عميقة، كما جاء:  

"فلا تهتمّوا للغد لأنّ الغد يهتمّ بما لنفسه؛ يكفي كلّ يوم شرّه" (مت 6: 34).

الغد في يد الله وحده، وليس بيد البشر؛ يلزمنا أن نكون أوفياء لكلمته، مكرِّسين ذواتنا لسلطانه، مستظلّين برعايته.

أيّها الأخ المحبوب بالله، مشيئة الله صالحة وحكيمة، تنبض محبةً ورأفة، وهو يرعى شعبه بعطفٍ ويحوّل كلّ شيء إلى خير من يلتجئون إليه بإيمان. في ظلّ واقعنا المتأزّم، يبقى الحلّ العميق في المصالحة والغفران؛ مشيئة الله هي مشيئة الغفران، كما يقول الكتاب: "لا يشاء الربّ موت الخاطئ، بل توبته وعودته ليحيا" (حز33: 11).

الربّ، في رحمته العميقة، يمدّنا دومًا بكلمات تملأ قلوبنا سلامًا: "لا تخف لأنّي أنا معك."

مشيئة الربّ الصالحة هي التي تنقذنا من كلّ شَرَك، وتحرّرنا من قيود الخوف، كما يعلن المزمور:  "نجت أنفسنا مثل العصفور من فخّ الصيّادين؛ الفخّ انكسر ونحن نجونا" (مز124: 7).

لذا، عند مواجهة الاضطهاد والمحن، لنردّد بثقة وإيمان: "لتكن مشيئتك، الفخّ انكسر ونحن في أمان". وكما يقول الأب توماس مارتن: "الله يدعونا إلى أن نقترب منه بإيمانٍ عميق كإيمان الطفل؛ إيمانٍ يبدّل الألم إلى رجاء والقلق إلى سلام تحت ظلّ مشيئته."

فلنحذر من مخالفة مشيئة الله، ولنسعَ إلى عيشها، هي طريق الخلاص والسلام، وكما يقول الأب هنري نووين: "الحياة في مشيئة الله هي انفتاحٌ على محبّته التي تشرّع الأفق نحو الشفاء وفرح الحياة الحقيقيّة."

طوبى للساعين إلى السلام، فإنّهم أبناء الله يُدعون.