ثقافة ومجتمع
29 أيلول 2016, 05:00

#لا_لصرف_الصّحافيّين_تعسّفيًّا

ريتا كرم
"الصّحافة في لبنان تتعرّض لحملة إبادة. الصّحافيّون يُصرفون تعسّفيًّا من دون أيّ حماية وأيّ ضمانة لاستمراريّة عملهم. الأمان الوظيفيّ يندثر والمؤسّسات تسلب حقوق الصّحافيّين والموظّفين ولا من يسأل. أين نقابتنا؟ أين التّضامن الصّحافيّ؟ #توحّدوا #لا_لصرف_الصّحافيّين_تعسّفيًّا"، "هاشتاغ" تدوّي حروفها هذين اليومين عبر مواقع التّواصل الاجتماعيّ وتستمدّ صداها ممّا تشهده السّاحة الإعلاميّة من أعمال صرف تعسّفيّ بحقّ من اختاروا القلم ليدافعوا عن كلّ أنواع القمع.

 

هم بالعادة صوت من لا صوت لهم، لكنّهم اليوم يفقدون امتيازهم وتُقطع أوتارهم الصّوتيّة فأضحوا بحاجة إلى من يسندهم وينادي بحقوقهم، بعد أن كانوا أوّل من يهبّ لنقل الواقع كما هو وقول الحقيقة مهما كلّفهم الأمر والدّفاع عن كلّ مظلوم.

منذ أكثر من سنة، وظاهرة صرف الصّحافيّين من عملهم تنتشر وتتزايد، بحجّة العجز المادّيّ. وإن أُبقي عليهم فهم يتقاضون نصف الرّاتب وغالبًا ما يأتيهم متأخّرًا أشهرًا، فيدخل هؤلاء في نفق اقتصاديّ يضيق بابه يومًا بعد يوم، فيقصّرون في واجباتهم العائليّة والاجتماعيّة. 

هم وحيدون في هذه العاصفة، ما من حملات تضامن مع قضيّتهم، وما من تظاهرات تطالب بحقّ من كانوا أوّل الحاضرين لينقلوا قضايا الشّعب صوتًا وصورة. إستنكارات خجولة تعلو من هنا وهناك، من مسؤولين في دولة فقدت هيبتها المؤسّساتيّة ولكن.. "دق المي مي".

فبعد أن كنّا نتغنّى أنّنا بلد الحرّيّات تتقدّمها حرّيّة التّعبير وقلم الصّحافيّ على عرشها، وبعد أن كان كلّ صحافيّ يتباهى أنّه السّلطة الرّابعة في البلد، ها هو اليوم يفقدها وتسحقه مصالح مسؤولين عن المؤسّسات الإعلاميّة على أنواعها، وترميهم في الشّارع من دون أيّ سابق إنذار أو تعويض تعب سنين طويلة أو قليلة من الخدمة، وينضمّون إلى قافلة العاطلين عن العمل الّذين بلغت نسبتهم اليوم في لبنان إلى ما يقارب الـ40%.

بلدنا يعجّ بالأموال الهائلة غير أنّها تُصرف على أمور ثانويّة لا بل أكثر سطحيّة، ومؤسّساتنا تغرق بعجز وديون. بلدنا يفقد هويّته ودوره التّاريخيّ بعد أن كان منارة للإعلام والثّقافة والحضارة. بلدنا يخسر فئة جديدة من شبابه لأنّهم بعد أن اختاروا مهنة حوّلوها إلى رسالة، ها هو نورها يخبو وعزمهم ينطفئ لأنّ من حملوا قضيّتهم خانوهم بقرار إداريّ تعسّفيّ، فهل يعود القلم ليكتب بحرّيّة والصّورة لتتألّق بوجوه مخضرمة لقّنتنا أصول المهنة؟ هل تعود الحروف لتتراقص في مقالات غالبًا ما ساعدتنا للانطلاق في يوم جديد؟ هل يعود إعلامنا صوت من لا صوت لهم لا يحكمه ظالم ولا تديره مصالح أفراد؟