ثقافة ومجتمع
08 تشرين الثاني 2015, 22:00

"سليكتيوم للفنون" والبولشوي يحييان مئوية باخ بأمسية موسيقية في الجامعة الأميركية

(النهار - بيروت) إحتفاءً بالمئوية الثالثة لولادة المؤلف الموسيقي الكلاسيكي كارل فيليب إيمانويل باخ، نظم "مركز سليكتيوم للفنون والعلوم" بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، أمسية موسيقية في قاعة الأسمبلي هول، بعنوان " المئوية الثالثة لكارل فيليب إيمانويل باخ، أحياها رباعي المركز "Quatuor Musique del Tempo "، بمشاركة ضيوف الأمسية عازف الفلوت اللبناني العالمي وسام بستاني، وعازفون من مسرح بولوشوي الروسي، وفي مقدمهم عازف الكمان الشهير فلاديمير سكليارفسكي الذي عمل مع أهم قادة الأوركسترا أمثال كاز وفلاديمير جرجييف وتميركانوف ولازاريف ، وعازفة البيانو تاتيانا بريماك خوري. وحضرها حشد كبير من المدعوين من دبلوماسيين، وملحقين ثقافيين، ومثقفين وجمهور الموسيقى الكلاسيكية.

وفي هذه الأمسية التي عزف فيها العازفون مقطوعات مختارة من ريبرتوار موزار، وغبريال فوريه، والمحتفى بذكرى مئويته الثالثة كارل فيليب إيمانويل باخ ويوهان سيباستيان باخ وكريستوف ويليبالد غلوك، تلاقى الأداء الرائع والمميز بين عازفي الرباعي وضيوفه من البولشوي ، تارة مرافقة ومواكبة لإنسانية أنغام فلوت العازف وسام بستاني، وتارة تاركة له الفضاءات لأداء صلاته وطقوسه العزفية، نافخاً في فلوته بعضاً من روحه المتجلية ، ليضيف إلى المقطوعات المختارة ، وللأمسية روحانية إنسابت من النغم، وتسللت بسكون إلى الحضور المنصت والغارق بلحظات تأمل.
فلوت وسام بستاني التي قدمت صلاتها بتلك الأمسية، وشاركته تلميذته عازفة الفلوت ساره مارين في عزف مقطوعة موسيقية، زادها رونقاً ذاك العزف القادم من روسيا مع عازفي البولشوي، فنسجوا مع أداء عازفي الرباعي بران هاشم وميشال المر على الكمان، وسمير عموري على الفيولا، وأناستازيا بارتسيفا المر على التشيلو، وعازفة البيانو تاتيانا بريماك خوري، لوحة موسيقية متكاملة، أخذت الجمهور إلى صفاء اللحظة، المشدودة على أوتار النغم الكلاسيكي من قرون النهضة الأوروبية، تلك التي كتب مؤلفوها إسماءهم في كتاب الخلود.
أمسية مميزة كما العادة قدمها "مركز سليكتيوم للفنون والعلوم" ، بضيوفه العازفين الذين حضروا خصيصاً لإحيائها، فكانت مساحة لقاء جميلة بين الفلوت الآسرة لبستاني، وروح الرباعي وعازفي البولشوي بما يمثلونه من عراقة فنية، إلتقت جميعها على مسرح الأسمبلي هول في ليلة تركت ألحانها صدى سيتردد طويلاً، كما التصفيق الحاد للحضور الذي غادر بعدما تشبع بعبق الموسيقى والأداء الرائع.
وألقت رئيسة "مركز سليكتيوم للفنون والعلوم" السيدة ديديه حوراني كلمة ترحيبية إعتبرت فيها أن "هذه الأمسية وما سبقها من أمسيات وما سيليها لاحقاً من أمسيات عزف الرباعي وضيوفه لموسيقى كلاسيكيكة ، تدخل في سياق برنامج ورسالة المركز، رسالة ثقافية، للمساهمة في خلق أجيال النش الجديد على كل ما هو جميل في هذا العالم". وبعدما نوهت بالتعاون مع الجامعة الأميركية في تنظيم هذه الأمسيات في حرمها، وضعت إستضافة المركز والرباعي لعازفين عالميين في " إطار التبادل الموسيقي الذي يغني ويعطي قيمة مضافة للتنوع الثقافي والموسيقي".
وقالت: ليس أجمل لنا من أن نستضيف هذا التنوع الموسيقي لنقدمه لجمهورنا اللبناني التواق للإستماع إلى ما يرتقي به إلى إنسانية نفتقدها اليوم. فالموسيقى ، لا سيما الكلاسيكية منها، هي تلك التي تسكن الروح وتلازمه كنسمة يعود إليها كلما شعر بجوع داخلي. ولأن الموسيقى هي زاد للروح، فإن طريقها إلينا عبر عازفين مميزين بأدائهم الذي يقارب الصلاة. وها نحن اليوم، قدمنا صلاتنا بأنغام فلوت مبدع من بلادنا، هو وسام بستاني، المميز عالمياً والذي يعرف كيف ينحت النفَس لحناً. وهو جاء خصيصاً من لندن، لينضم إلى موسيقيي بولوشوي، القادمين بدورهم إلينا من روسيا، هذا البلد الغني بالتراث الثقافي الموسيقي، لمرافقة الرباعي"Quatuor Musique del Tempo"، وعازفة البيانو تاتيانا بريماك خوري.
وأضافت حوراني: نستضيف وسام بستاني، العازف الذي يتمتع بشهرة عالمية، وبمسيرة موسيقية غنية، وبراعة لا تضاهى تبرز بأدائه الصافي والقوي والرائع ، بحيث تخرح الأنغام من فلوته قوية ورقيقة بنفس الوقت . يسيطر وسام بستاني على آلته بإنسيابية رائعة، فتخرج الأنغام حالمة ومتناسقة ، كقصيدة غنائية، فتعكس أناقة إحساسه الموسيقي المخبأ خلف اسلوبه الراقي. ففي عزفه، لا نسمع الرنة فقط بل النفَس ايضاً، نفَس عملاق بكل تلاوينه وتأثيراته التي تفرض صمتاً وإنتباهاً تاماً لفلوته ونوتاتها الآسرة . وختمت بالقول: بإرتقاء عزفه الروحي، يعلمنا بستاني بذكاء قراءة السطور وما بين السطور. فلغته الإبداعية تكشف عن قلب وروح نبيلين، وإنسانية مشرقة . وبالجماليات التي يتركها لنا عبر ألحانه هذه، تتحول الروح إلى عالم من الحلم والسحر، واللذين ما هما إلا " نشيد الحياة" و" الحياة بحروف كبيرة".