ثقافة ومجتمع
11 كانون الثاني 2016, 14:32

"حبّ المال أصل كلّ شرّ "

تُفاجئ الحياة النّاس دائمًا بمتطلّباتها اللّامتناهية وتدفعهم للسّعي بشكل مستمرّ وراء لقمة العيش وكسب المال خصوصًا في ظلّ الظّروف الإقتصاديّة الصّعبة التي يعيشونها.

ولإستمراريّة العيش بكرامة ومواجهة كلّ لوازم الحياة، يلجأ النّاس للتّموّل بشتّى الطّرق: فهناك من يتّقن حرفة معيّنة يستطيع من خلالها كسب رزفه، ومن يكسب المال عن طريق تأجير أملاكه، وآخرون يلجؤون إلى العلم والتّخصّص الجامعي لكسب وظيفة مرموقة تمكّنهم من مواجهة متطلّبات الحياة. كسب المال عنصر أساسي لا يمكن الإستغناء عنه فغيابه يحرم الإنسان من الأكل والشّرب والصّحّة والرّفاهيّة: من الحياة بكلّ ما فيها.

ولكن للأسف، قد يلجأ البعض إلى وسائل غير مشروعة، بحجّة أنّ "الغاية تبرّر الوسيلة". ولأنّ المال هو عصب الحياة لأهمّيّته البالغة في تلبية الحاجات وتحقيق المنافع، قد يعتبره البعض مصدر الفرح والرّاحة الوحيد. فهؤلاء يستطيعون بيع ضمائرهم وخيانة أحبابهم مقابل امتلاكهم مالًا حرامًا؛ قد يكذبون، ويخفون الحقائق، ويقبلون الرّشاوى، ويخرقون مبادئ الّثقة والنّزاهة والشّرف والأخلاق والقيم مقابل استشفافهم إلى النّقود. هؤلاء أشخاص مكبّلون بقيود المال، وراضخون لعظمته، وعبيد لأهمّيته. فمن يوسّخ يديه بأعمال إجراميّة أو بأعمال سرقة واحتيال من أجل تأمين المال، ينغمس شيئًا فشيئًا في وحل الإثم والخطيئة ويغرق فيه، ويساهم بتدمير الحقوق وبالتّعدّي على الآخرين وبفساد المجتمعات.

من جهة أخرى، يأتي العيش بكرامة، وعزّة نفس ونزاهة وبراءة ونظافة قلب وراحة ضمير، ليعوّض الإنسان عن كلّ النّقص المادّيّ؛ وهو أمر يساوي كنوز الأرض كلّها؛ فيصبح الإنسان الشّريف الذي يكسب رزقه بالحلال  مَلكًا لا في هذه الحياة الأرضيّة بل في الحياة الأبديّة التي تنصّ عنها جميع الأديان. وعن هذا الموضوع يوضح الدّين المسيحيّ: "إنّ التَّقوى كسب عظيم إذا اقترنت بالْقَناعة، فإنّنا لم نأت العالم ومعنا شيء، ولا نستطيع أن نخرج منه ومعنا شيء. فإذا كان عندنا قوتٌ وكُسوة فعلينا أن نقنع بهما. أمّا الّذين يطلبون الغِنى فإنّهم يقعون في التجربة والفخّ وفي كثير من الشّهوات العميّة المشؤومة التي تُغرق الناس في الدّمار والهلاك، لأنّ حبّ المال أصل كلّ شر، وقد استسلم إليه بعض الناس فضلُّوا عن الإيمان وأصابوا أنفسهم بأوجاع كثيرة." (1 طيم 6: 6 - 10)