ثقافة ومجتمع
06 نيسان 2015, 21:00

"القرائية" مشروع تحديثي لـ"الفكر العربي"

(النهار - بيروت) متى يصبح تعليم اللغة العربية مشروعاً للفكر ومحفزاً للتفكير؟ كيف يمكن إدخال مهارات جديدة عليها لفك رموز العالم المتغير؟ هي في تراجع اليوم لدى المتعلمين، فمتى تعود عنواناً للقراءة والكتابة والتحليل والقدرة على إجراء البحوث بمفهوم جديد وتغيير في مقاربة مصطلحاتها؟

ليس الاهتمام باللغة العربية في التعليم اليوم من الأولويات. لذا أدخلت مؤسسة الفكر العربي "القرائية" مفهوماً عمل عليه كثير من الدول لتطوير اللغة، يرتكز بالدرجة الأولى على التقويم. والهدف هو أن تكون اللغة وعاء للأفكار، تؤسس لفكرة مجتمعات التعلم المهنية الرائجة في عالم التربية الحديثة، وتكون البحوث كلها تحت مصطلح "القرائية للجميعوالذي سيكون عنوان مؤتمر تنظمه مؤسسة الفكر العربي (عربي 21) والجمعية العربية للقراءة (تارا) آخر نيسان الجاري في البحرين.
ووفق مديرة مشروع الإسهام في تطوير اللغة العربية وتعليمها (عربي 21) والقائمة بأعمال عميد كلية البحرين للمعلمين الدكتورة هنادا طه، أن القراءة لم تعد تكفي وحدها في القرن الحادي والعشرين، "نحتاج الى مهارات أخرى نوظفها في الصفوف الدراسية، كي نصل الى "القرائية" ويستطيع التلميذ فك رموز العالم المتغير بجنون. وتقول لـ"النهار" أن هدف المؤسستين تطوير تعليم اللغة العربية، خصوصاً مفهومها ليصبح مرتبطاً بالفكر. فاللغة لتطوير الفكر، وكي تكون وعاء له، إذ ليس معقولاً أن ندرس اللغة لأجل اللغة، وأن نبقى ننّظر عن المفعول المطلق والمفعول لأجله والمفعول معه، فنعلّمها منعزلة عن الفكر وعن كونها أيضاً لغة للحياة. ولذا، نريد للتلامذة من خلال مفهوم "القرائية" أن يدركوا أن العربية خاصة لأنها اللغة الأم، ولغة هوية ووطن، وأن يؤمنوا فعلاً أنها تستطيع أن تواكب العصر والحداثة، وتحمل كل ما هو متقدم. وأن ذلك ممكن بتطوير مفهومها. لكن الطرائق المستخدمة حالياً، وفق طه، لا تفتح إمكان التطوير. فالعربية من منحى "القرائية" هي لغة كل يوم، ولكن بالفصحى.
هل يمكن إدخال برنامج "القرائية" في مناهج التعليم؟ وفق هنادا طه، ان الوعي بهذا المفهوم ما زال محدوداً، ولذا نحن في حاجة لهذه المؤتمرات، والى نشر الوعي بأهمية القرائية. علينا ان نغير ونفعل شيئاً مختلفاً، بأن تكون مناهجنا متحركة. ويجب أن تتنبه وزارات التربية العربية الى ان الدراسات والبحوث، تؤكد انه ينبغي تغيير الطريقة التي بها نعلم العربية. يجب ان تكون اللغة وعاء للفكر وحاملاً له، وغير معلبة، وأن نخترع بها، ونفتكر، وأن تفتح الابواب المغلقة الموصدة عليها. وكي يستطيع الولد ان يتعلمها في شكل صحيح، من خلال أدب الأطفال، دمجهم باللغة وبمفهومها وبأدبها. ومن دون تغيير المناهج بهذا المفهوم، لا نستطيع أن نفعل الكثير.
واللغة العربية جامعة، ومرونتها تجعلها تستوعب كل المصطلحات في الفكر العالمي، لكن شرط ذلك أن نجعلها منفتحة بالتبادل الفكري مع الآخر، وطرق باب تحديث اللغة. وتشدد طه على التقيد بالمعايير، ففي الدول المتقدمة، يتم تعليم اللغات بناء على معايير محددة، لا تختلف بين معلم وآخر او بين مدرسة وتلميذ. وهذه المعايير تحدد وصول التلامذة الى مستوى معين. في حين ان تعليم اللغة العربية في الوطن العربي، الكتاب المدرسي هو الذي يحكم ما يتعلمه التلميذ. ليس هناك عدالة، لأن الكتاب وحده لا يستطيع أن يلم بحاجات القرن الحادي والعشرين. كما أن المعايير تختلف بين أستاذ وآخر ومدرسة لديها امكانات وأخرى فقيرة. والمهم أن المعايير توحّد المستوى، حيث تحتضنها مؤسسة الفكر العربي، وتعمل بها مدارس عديدة، لكنها تحتاج الى احتضان عام . وفي المقابل نحتاج الى تقويم بمعايير محددة من أجل عدالة التعليم لجميع التلامذة، وهذا يستلزم شفافية ووضوح وجودة.
ولفتت طه الى أن مشروع "عربي 21" يعمل على تطوير اللغة العربية، ويُعد مشاريع، منها جائزة كتابي، معايير لتصنيف كتب أدب الأطفال، نشر فيديو على موقعه لمباريات التعليم الفضلى. لكن ذلك لا يكفي في وطن عربي فيه أكثر من 300 مليون نسمة. وهنا نحتاج الى قرار سياسي كبير على مستوى الوطن العربي يقول: آن الأوان أن نعلم اللغة العربية، التي تجمعنا، في شكل عصري حداثي وحي. ولهذا يأتي مؤتمر "القرائية" ليتحدث مع معلمي اللغة العربية، من أجل أن يقتنعوا بجدوى التعليم المبني على المعايير وبنجاعة التقويم العادل واستخدام الفصحى في الصفوف، بدل اللهجات المختلفة. والمهم بناء وعي من قمة الهرم الى اسفل، وندفع القمة الى اتخاذ قرار سياسي حكيم من دونه لا يمكن أن تتطور اللغة، والنهوض بالتعليم، وإن على مراحل.
وتوقفت عند دليل عربي 21، الذي يعتبر جزءاً من خطوات تطوير العربية. فلدينا كتب مصنفة تساعد الأساتذة في رصد الكتاب الجيد مع المستوى القرائي للولد.، وأي كتاب أفضل له. وتركز مؤسسة الفكر العربي على البنى التحتية للتعليم التي يجب أن تتوثق، وهي تحتاج الى جهود دول. ولدينا الجرأة للقول اننا نتمسك بالفكر العروبي ، وسنضع الأرضية اللازمة لإيصال الصوت من أجل بناء الوعي لتطوير تعليم اللغة والعربية في شكل خاص.