يا ليت الطّفولة تعود يومًا!
وأمام كلّ هذا السّواد الّذي يلفّ المسكونة، نزرع اليوم نظرة أمل وفرح عشيّة حلول فصل الرّبيع، ونودّع بروح الطّفولة البيضاء فصلًا كان كريمًا بخيراته وإنّما قاسيًا بويلاته، ونتوقّف هنيهة أمام عذوبة الأطفال وبراءتهم.
نتوقّف أمام ثمرة حبّ أغدقها الله نعمة على عالمنا، ثمرة تنبض منذ أن تكوّنوا في حشى الأمّ وتثمر فرحًا وشوقًا وخوفًا ومسؤوليّة منذ صرختهم الأولى المعلنة مجيئهم إلى هذه الحياة.
نتوقّف أمام ضحكة الأمّ الّتي تسكن اشتياقها إليهم وتهدّئ عواصف قلبها القلق على مستقبلهم.
نتوقّف أمام هذا الكائن الصّغير، نقطة ضعف الأب القويّ الّذي يعود طفلاً بجوارهم، والمستعدّ أن يفني عمره في سبيل سعادتهم.
نستريح قليلاً من عبء هذا العالم وننظر إليهم لأنّهم وحدهم يعيدون البسمة إلى كلّ من ألبسته الحياة همًّا، والأمل إلى من غمرته المصائب وزادته غمًّا، وطول العمر إلى من اقترب من شفير النّهاية. إنّهم سرّ سعادة هذا العالم الّذي وإن استمرّ فهو بفضل هؤلاء لأنّهم نواة الغد ورجالاته.
اليوم، في عيد الطّفل، رسالة إلى كلّ كبير كان ضحيّة جهل محيطه في طفولته فخسر بسببها براءته، وتحوّلت حياته إلى لعبة يتحكّم بها الكبار من دون أن يتمتّع بألعاب جيله، فكبُر قبل أوانه مجرّدًا من أحلامه الورديّة مزروعًا في عالم قاس وجافّ...
إلى هؤلاء تحديدًا دعوة لاستنباط الطّفل المدفون في داخلهم منذ زمن بعيد، ونفض غبار الماضي عن قلوبهم المجروحة ومدّ اليد لأطفالهم وأطفال هذا العالم فيرسموا لهم مستقبلًا لطالما حلموا به لأنفسهم، مستقبلاً ألوانه ألوان فرح وسلام وإبداع، مستقبلاً يتذكّرون فيه أيّام طفولتهم المجيدة بدون خجل أو خوف أو قلق... مستقبل يتجرّأون فيه أن يقولوا عاليًا: "يا ليت الطّفولة تعود يومًا!".