...ونطق زكريّا!
أتى وقع الخبر صادمًا على زكريّا إذ تفاجأ مجيبًا: "بمَ أعرف هذا وأنا شيخ كبير، وامرأتي طاعنة في السّنّ؟" وكان العقاب: "ستصاب بالخرس، فلا تستطيع الكلام إلى يوم يحدث ذلك، لأنّك لم تؤمن بأقوالي وهي ستتمّ في أوانها."
وعندما حانت السّاعة، وولدت أليصابات وأنجبت صبيًّا سيكون عظيمًا أمام الرّبّ ممتلئًا من الرّوح القدس ويهدي الكثيرين إلى الرّبّ والعصاة إلى حكمة الأبرار، فيعدّ للرّبّ شعبًا متأهّبًا. وعندما سُئل "بالإشارة" عن الإسم، طلب لوحًا وكتب: "اسمه يوحنّا"، فتعجّب الجميع و"انفتح فمه لوقته وانطلق لسانه فتكلّم وبارك الله"، وامتلأ من الرّوح القدس وتنبّأ وبارك الرّبّ "لأنّه افتقد شعبه وافتداه فأقام لنا مخلّصًا... يخلّصنا من أعدائنا وأيدي جميع مبغضينا. فأظهر رحمته لآبائنا... فنعبده غير خائفين بالتّقوى والبرّ، وعينه علينا، طوال أيّام حياتنا."
بتلك الكلمات نطق زكرّيا والرّوح القدس يلهب قلبه ويملأ فاه بالنّبوءات مع ولادة يوحنّا "نبيّ العليّ" الّذي سيعدّ طريق الرّبّ ويعلّم شعبه الخلاص بغفران خطاياهم.
إذًا، هذا هو زكريّا الحكيم الّذي توشّح بحلّة الكهنوت وصار "كوكبًا ومعاينًا للأسرار"، حاملاً في ذاته سمات النّعمة". فيا كامل الحكمة، فكّ لسان من عُقدت ألسنتهم أمام الحقّ فيبشّروا بالحقيقة على السّطوح وفي كلّ المحافل، ويعلنوا إلى العالم كلّه أنّ ما من مستحيل عند الله.
يا كامل الحكمة، يا من تكلّلت حياتك البارّة بالصّلاح في شبابك كما في شيبك، نسألك في يوم عيدك، أن تشفق علينا مع يوحنّا السّابق من أجل خلاص نفوسنا، آمين.