وقف الأرز شامخًا.. ومعه بدأ الحلم
تجسّدت غابة أرز الرّبّ بلوحة تحاكي الخيال، فعكست بصفائها طيبة البشرّاويّين، مرحبّة معهم، بزّوار خُطفت أنفاسهم أمام مشهد اختصر بعظمته قدسيّة المكان.
على تلّة معلّقة بين السّماء والأرض، انبهر الحاضرون بسحر ريشة الخالق فتعالت الهمسات متسائلّة عمّا قد تحمله تلك الّليلة من مفاجآت. وما هي إلّا لحظات حتّى أضيئت غابة أرز الرّبّ بمشهد ساحر قبل أن تشتعل سماؤها بمفرقعات تراقصت على نغمات وطنيّة، واعدة بعودة لبنان "الحقّ"؛ خفقت القلوب وتسارعت نبضاتها قبل أن يفرض الصّمت هيبته.. قبل أن يبدأ الحلم.
اثنا عشر فنًّانًا لبنانيًّا من مختلف الطّوائف اعتلوا المسرح، مكرّمين بإبداعهم الأرزة على وقع أوبيريت خطّها الشّاعر نزار فرنسيس ونثر كلماتها على أنغام ألحان ميشال فاضل، وحملت توقيع كلّ من غسان صليبا، وليد توفيق، نجوى كرم، رامي عياش، نانسي عجرم، معين شريف، ملحم زين، عبير نعمة، جوزيف عطية، زين العمر تانيا قسيس، إيليا فرنسيس؛ فتعالت الأصوات الجبليّة الممزوجة بعنفوان الأرز، تاركة بصماتٍ خلودها من خلود لبنان.
لم ينتهِ سحر تلك الأمسية مع انطفاء قمرها، فالحُلم أكملته هبة طوجي الّتي حرّكت حنين الأرز بنغمات رحبانيّة طال غيابها، كيف لا وقد حملت الّليلة الأخيرة توقيع أسامة الرّحباني الّذي حمل الشّعلة بإخلاص وأمانة، محييًا ذكرى عمالقة روت أعمالهم أرض الأرز على مرّ الأجيال.
اختُتم الحلم وأسدلت السّتارة، أمّا الأرزة فوقفت هناك، في تلك الأرض المقدّسة، مزهوّة متفاخرة، متباهية بإبداع أبناء موطن زادها سحرًا ورونقًا وشموخًا...