وزير الثقافة ريمون عريجي يرثي سعيد عقل
طرح أسئلة الحضور، كما كبار كتّاب وشعراء المعرفة الكلاسيكية، الذي على قرابة معه ووجه شبه: دانتي، هوميروس، شكسبير، بول فاليري ومالارميه...
سعيد عقل، هو شعره وشاعره...
لم يكتب شعراً، كأني به، أدّى ذاته حروفاً وأداء ممسرحاً!
آخر شعراء الكلاسيكية بين النهضويين. ابتدع للقصيدة العمودية شكلاً ومضموناً حداثياً... كتب في اللاهوت والفلسفة والعلم والأرقام والإحصاء والوطنيات والغزل والتصّوف، بالعربية والفرنسية وصولاً إلى خماسياته والشعر المحكي.
طرح أسئلة الما بعد والموت والحضور ورجاء الحياة.
الشعر عند سعيد عقل في نسغ كينونته، حركية جدليّة، ومبرر وجود في حياة.
وقف وحيداً على قمة برجه، دفّاقة صورٍ شعرية وطروحاتٍ ورؤىً. فكان وحدته احتفالٌ ذاتي بحضوره واستمتاع بسبك جمالية حياة.
نقول مدرسة؟ نقول أيضاً شاعر الحلم الكبير، الطوباوي المستحيل...
نَسلُهُ الشعري منه وله. فكأنه لم ينتسِل من أحد ولم ينسل، أكيداً...
إلى شطحاته في عالم اليوتوبيا، آمن سعيد عقل بالمعرفة والأرقام. والعلمُ عنده وراء كل تحفةٍ - كما يقول - إنه "قصيدة القرن العشرين"...
صاغ لبنان آخرَ. نسَجه من طوافه فوق الحضارات ومدنيّات فلاسفة الشعوب... "لبنانه إن حكى" اختراعٌ لمقارعة "جمهورية" افلاطون...
ابتدع وطناً رعاياه: فلاسفة وأبطال، حكماء وشعراء، مؤرخون وعلماء وفنانون وطيبون...
يقول: "أنا أول الشعراء"... ثم يتساءل ويجيب:
"مَن أنا؟ أغنية لم تكتمل
رُصِدَت... إلاّ اذا كنتِ الختامُ"!
ننحني اليوم حباً لشاعر "رندلى"، المالئ المطارح والحنايا في ذاكرتنا، بِرَنَّة "أجراس ياسمينه"، وذلك الألق الآسر الساحر!
كتب لدنيا العرب، فاستفاقت العواصم واستذكرت أمجادها. من بردى إلى دجلة فالنيل، ومن مكة إلى قدس الناصري وحنين العودة...
حالم كبير عمّر لنا وطناً، على بهاء المثال:
"والكون قله رنين الشعر قله صدىً
لكفِّ ربّكَ إذ طنّت على الزمنِ"
مضى في الزمن الصعب، على قتامة الرؤى!
ونحن، إذ نلوّح لسعيد عقل، نودّعُ الكبير. شاعر الحق والخير والجمال. يرافقنا إلى ذاته!!!
سعيد عقل، معك سنبقى نقول، كرمى للبنان: "أجمل التاريخ كان غداً".